في خطوة تعكس حجم المخاوف السياسية والقانونية التي يواجهها، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعديل تفاصيل رحلته المقبلة إلى الولايات المتحدة، متجنبًا أجواءً أوروبية قد تُشكّل مخاطرة قانونية، بسبب مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.
صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية تكشف أن الطائرة الرسمية الإسرائيلية "جناح صهيون" ستسلك مسارًا أطول من المعتاد، وأن الوفد المرافق سيقلص بشكل كبير، في إشارة إلى الحذر الإسرائيلي المتزايد في التعامل مع المجتمع الدولي.
تخفيض عدد المرافقين
أكدت مصادر وفق "جيروزالم بوست" أن رحلة نتنياهو إلى نيويورك، الأسبوع المقبل، ستتم بمسار مطول لتفادي أجواء بعض الدول الأوروبية، التي قد ترفض منح تصريح عبور.
ووفقًا للمصادر، فإن قرار تقليص الوفد المرافق جاء لتعويض الحاجة إلى وقود إضافي نتيجة هذا التغيير في المسار، ونتيجة لذلك، تم استبعاد عدد من الصحفيين وبعض أعضاء الطاقم الحكومي، الذين اعتادوا مرافقة نتنياهو في رحلاته الرسمية.
وجاء في بيان مكتب رئيس الوزراء أنه "بسبب الترتيبات الفنية المتعلقة بالجلوس والأمن، تقرر الحد من عدد الركاب على رحلة جناح صهيون القادمة، بما في ذلك الصحفيون وأعضاء الوفد المرافق لرئيس الوزراء".
هاجس يلاحق نتنياهو
القرار الأخير يأتي بعد التطور الخطير في نوفمبر 2024، حين أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت، على خلفية اتهامهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
وبحسب بيان المحكمة، يتحمل نتنياهو وجالانت المسؤولية عن استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية تشمل القتل والاضطهاد وأعمالًا وُصفت بأنها "لا إنسانية"، وتوجيه هجمات متعمدة ضد المدنيين.
إذ تعني هذه المذكرة نظريًا إمكانية اعتقال نتنياهو إذا دخل أراضي أي من الدول الأعضاء في المحكمة، التي يزيد عددها على 120 دولة.
أوروبا منقسمة
مواقف الدول الأوروبية جاءت متباينة حيال مذكرة الاعتقال، إذ أعلنت دول التزامها الصريح بتنفيذ المذكرة مثل هولندا، أيرلندا، بلجيكا، إسبانيا، النمسا، وسلوفينيا، فيما أشارت دول أخرى إلى أنها لن تنفذ الاعتقال مثل فرنسا والمجر.
بينما فضلت دول كبرى مثل ألمانيا، التشيك، إيطاليا، والمملكة المتحدة، الغموض، إذ لم تعلن موقفًا واضحًا حتى الآن.
هذا التباين الأوروبي دفع إسرائيل إلى تبني إستراتيجية سفر أكثر حذرًا، خوفًا من أن تتحول رحلة دبلوماسية إلى أزمة سياسية وقضائية غير مسبوقة.
عزلة إسرائيل المتزايدة
وبينما يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، الالتفاف على التحديات عبر مسارات جوية بديلة ووفود مختصرة، يبقى شبح المحكمة الجنائية الدولية حاضرًا، مهددًا مكانته الدولية، ومسلطًا الضوء على عزلة إسرائيل المتزايدة في الساحة العالمية.
وذكرت هيئة البث عن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج قوله، إن الكراهية لإسرائيل تستدعي محاربتها بكل الوسائل، تأتي تلك التصريحات على وقع المظاهرات التي تندلع في مختلف أنحاء العالم، رفضًا للإبادة الجماعية في غزة، والمجاعة التي يفرضها جيش الاحتلال على القطاع.
وأضاف "هرتسوج" خلال حفل رسمي في بيته لإحياء ذكرى الرئيس التاسع شمعون بيريز ورئيس الوزراء الثاني موشيه شاريت، "أن الأزمة السياسية الخارجية لإسرائيل هي الجبهة الثامنة للحرب ولا يجوز التخلي عنها"، مؤكدًا ما وصفه بـ"تزايد العداء العالمي ضد إسرائيل"، مشيرًا إلى أنه عاد مؤخرًا من بريطانيا حيث لمس عداءً "لم يسبق أن شهدته إسرائيل"، وفقًا لوكالات.
وتابع: "علينا ألا نقبل العزلة التي يسعى أعداؤنا لفرضها علينا، مفهوم أمننا يعتمد على التحالفات، سواء داخل الشرق الأوسط أو مع شركائنا في الغرب".