وسط تزايد القلق بشأن التهديد الروسي لأوروبا، والالتزام الهش للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالأمن الأوروبي، من المرجح أن يُطاح برئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو. ومن آثار ذلك، تخشى باريس أن تهدد الاضطرابات السياسية بتأخير تعهد البلاد بتعزيز الإنفاق الدفاعي.
وتلفت النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو"، إلى أنه إذا نجح المشرعون الفرنسيون في الإطاحة برئيس الوزراء، الاثنين المقبل، كما هو متوقع، فستكون هذه هي المرة الثانية في أقل من عام، التي تتم فيها الإطاحة برئيس وزراء فرنسي من قبل الجمعية الوطنية، بعد سقوط ميشيل بارنييه، ديسمبر الماضي.
وأدى سقوط حكومة بارنييه إلى تأخيراتٍ استمرت شهورًا في طلبات ومدفوعات المعدات العسكرية. هذه المرة، فإن الاتجاه العام لزيادة الإنفاق العسكري سيتباطأ، لكن من غير المرجح أن يتم إلغاؤه.
هنا، يتناقض تركيز فرنسا على مشكلاتها الداخلية بشكل صارخ مع سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتولي زمام القيادة الأوروبية على الساحة العالمية.
كما أصبحت هناك فجوة هائلة بين السياق الدولي، الذي لا يزال سيئًا للغاية بسبب الحرب في أوكرانيا، والوضع الداخلي الفرنسي الذي يبدو منفصلًا عن هذه القضايا، كما نقل التقرير عن جيوم لاجان، الخبير في سياسة الدفاع وأستاذ في جامعة الأبحاث العامة "ساينس بو".
وأكد "لاجان" أن هناك مشكلة في الإشارة الإستراتيجية "فنحن لا ننقل الرسالة الصحيحة إلى أعدائنا وحلفائنا"، مضيفًا أن "حلفاءنا يتقدمون (ببناء قدراتهم العسكرية) ونحن لا نتقدم".
قانون جديد
في يوليو، وعد ماكرون، بأن فرنسا سترفع إنفاقها الدفاعي إلى 64 مليار يورو بحلول عام 2027. وجاء تعهده بعد أسابيع قليلة من التزام حلفاء الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي للنفقات العسكرية البحتة. وتُعد هذه زيادة حادة مقارنةً بالهدف السابق البالغ 2%.
وقبيل اندلاع الأزمة الحالية، صرّح ماكرون بأن الحكومة ستُقدم إلى البرلمان خريف العام الجاري، تحديثًا لقانون التخطيط العسكري الممتد لسبع سنوات، لتخصيص الزيادات في الإنفاق.
ومن المتوقع تأجيل القانون، الذي لم يُنجز بعد، إذا اضطرت فرنسا إلى تغيير الحكومة، أو حتى إجراء انتخابات مبكرة أخرى، وهو خيار لا يزال مطروحًا.
والأسبوع الماضي، عندما سُئل وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو - أبرز المرشحين لخلافة بايرو حال إقالته - عن تأثير تصويت الاثنين المقبل، على التعزيزات العسكرية للبلاد، علّق: "مرة أخرى، ثمة حالة من عدم اليقين".
وصرّح مسؤول برلماني: "لم ينسَ الجيش أن رقابة حكومة بارنييه أفسدت بعض برامج الأسلحة".
الإنفاق الدفاعي
تنقل الصحيفة عن برتراند دي كوردو، مستشار الدفاع والتسليح في معهد جاك ديلور، إن زيادات ميزانية الدفاع التي أعلنها الرئيس ماكرون، ورحبت بها أغلبية الطبقة السياسية، لا تزال تعتمد على التصويت في البرلمان، وبالتالي فهي الآن غير مؤكدة.
وأيضًا، هناك إجماع واسع النطاق بين مختلف الأطياف السياسية الفرنسية على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي للبلاد، ومن غير المرجح أن يُهدد تغيير رئيس الوزراء ذلك.
وقال هيلين كونواي موريه، عضو مجلس الشيوخ الاشتراكي، عضو لجنة الدفاع والشؤون الخارجية: "لن يجرؤ أحد على المساس بالتزامات الإنفاق الدفاعي التي قُطعت، لأنها التزامات وجودية".
مع ذلك، حذّر مسؤولون برلمانيون وصناعيون وعسكريون في تصريحات لـ"بوليتيكو"، من أن "الوقت الثمين سيُهدر لا محالة"، وأضافوا أن شركات الدفاع ستكون أكثر ترددًا في الاستثمار أو وضع خطط طويلة الأجل قبل حل الأزمة السياسية.