تُعد منظمة شنجهاي للتعاون (SCO) إحدى أبرز التكتلات الإقليمية في العالم اليوم، إذ تلعب دورًا محوريًا في القضايا الأمنية والاقتصادية على المستوى الدولي، وتُعتبر نموذجًا للتعاون المتعدد الأطراف بين دول آسيا.
تأسست المنظمة رسميًا في 15 يونيو 2001 في مدينة شنجهاي، وضمت ست دول مؤسسة هي الصين، روسيا، كازاخستان، قرغيزستان، طاجيكستان وأوزبكستان، وتغطي المنظمة 25% من مساحة أراضي العالم و50% من سكانه ما يجعلها قوة إقليمية ذات ثقل عالمي.
نشأة المنظمة وتطورها
بدأت قصة منظمة شنجهاي للتعاون مع ما عُرف بـ"آلية شنجهاي الخماسية"، التي تأسست عام 1996 بهدف تعزيز الثقة العسكرية وتقليص القوات على الحدود المشتركة بين الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان.
ومع مرور الوقت، تطورت الآلية لتشمل التعاون السياسي والاقتصادي والأمني.
وفي عام 2001، وخلال اجتماع تاريخي في شنجهاي، انضمت أوزبكستان إلى المجموعة، ليتم الإعلان رسميًا عن تأسيس منظمة شنجهاي للتعاون، كمنصة لتعزيز التعاون الشامل بين الدول الأعضاء، ومواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية الإقليمية والدولية.
وفي عام 2002، تم اعتماد ميثاق المنظمة خلال قمة سانت بطرسبرج، ليصبح الإطار القانوني الذي ينظم عملها ومبادئها الأساسية.
الأهداف والمبادئ
تتمثل أهداف المنظمة في تعزيز الثقة وحُسن الجوار بين الدول الأعضاء، وتطوير التعاون المتعدد المجالات في السياسة، الاقتصاد، الطاقة، التعليم، الثقافة، وحماية البيئة، والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، والمساهمة في بناء نظام عالمي أكثر عدالة وتوازنًا بعيدًا عن الهيمنة.
أما المبادئ، فهي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والمساواة بين جميع الأعضاء، وتسوية النزاعات عبر الحوار والتشاور، وعدم استهداف أي دولة أو تكتل آخر، والانفتاح على التعاون الدولي.
وقد بلورت المنظمة هذه المبادئ فيما يُعرف بـ"روح شنجهاي"، التي تقوم على الثقة المتبادلة، المنفعة المشتركة، المساواة، التشاور، احترام التنوع الحضاري، والسعي إلى التنمية المشتركة.
الهياكل التنظيمية
تضم المنظمة عدة مستويات من الهيئات، أبرزها، اجتماع رؤساء الدول وهو أعلى سلطة، يعقد سنويًا لتحديد أولويات المنظمة واتجاهاتها الاستراتيجية، واجتماع رؤساء الحكومات يختص بالقضايا الاقتصادية واعتماد الميزانية، واجتماع وزراء الخارجية للتحضير للقمم ومتابعة تنفيذ القرارات، ومجلس الأمناء الوطنيين لتنسيق الأعمال اليومية.
والأمانة العامة مقرها في بكين، تتولى الدعم الفني والإداري، والهيئة الإقليمية لمكافحة الإرهاب مقرها في طشقند، وتنسق جهود مكافحة الإرهاب والتطرف والنزعات الانفصالية.
مجالات التعاون
تركّز المنظمة على مجالين رئيسيين، وهما الأمن لمحاربة ما يُعرف بـ"القوى الثلاث" (الإرهاب، التطرف، الانفصالية)، من خلال تبادل المعلومات، المناورات المشتركة، وإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب، والاقتصاد لتعزيز التجارة والاستثمار، تطوير البنية التحتية، وتسهيل النقل والطاقة.
وقد وضعت المنظمة خطة طويلة الأمد لتعزيز التعاون الاقتصادي، تشمل مشروعات ضخمة مثل الحزام والطريق، وربط شبكات النقل بين الدول الأعضاء.
كما توسعت أنشطة المنظمة لتشمل التعليم، الثقافة، البيئة، ومكافحة المخدرات والكوارث الطبيعية، ما يعكس طموحها لتكون منصة شاملة للتعاون الإقليمي.
الانفتاح الخارجي
رغم تركيزها الإقليمي، تبنت المنظمة سياسة الانفتاح على التعاون مع الأمم المتحدة، منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ورابطة جنوب شرق آسيا، إضافة إلى إقامة علاقات شراكة مع العديد من الدول.
حاليًا تضم المنظمة 10 دول أعضاء وهم الصين، روسيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، أوزبكستان، الهند، باكستان، إيران، وبيلاروسيا.
ودولتان بصفة مراقب وهما أفغانستان ومنغوليا. و14 دولة كشريكة حوار وهم تركيا وأذربيجان ونيبال وسريلانكا وأرمينيا وقطر والسعودية ومصر والبحرين والكويت والإمارات وكمبوديا وميانمار يجعلها من أوسع التكتلات الإقليمية نفوذًا.