يسعى العديد من الأوكرانيين إلى الإحجام عن الخدمة العسكرية أو الاستمرار فيها، الأمر الذي بدا بشكل ملحوظ، في ظلّ تزايد أعداد الفارّين من المشاركة في القتال بالحرب الروسية الأوكرانية.
اختباء وفرار
على مدار الـ18 شهرًا الماضية، بالكاد غادر بافلو - مواطن أوكراني - منزله، لا علاقة لانطوائه بالقنابل والطائرات المسيّرة الروسية التي تقصف كييف، فليس ما يخشاه هو الغارات الجوية، بل يخشى ضباط التجنيد، الذين يسعون إلى إجبار الرجال الأصحاء مثله على الانضمام إلى القتال.
وقال بافلو: "أشعر بالخجل من قول هذا لكنني أخشى الموت، أو أن أفقد عقلي وأصبح عبئًا على عائلتي. أخشى ترك عائلتي في فقر وأن تكبر ابنتي يتيمة، أو أن تُعتقل وتُعذب لأشهر"، وفقًا لصحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
وأضاف: "يبحث الناس عن أعذار لعدم الانضمام إلى الجيش. يُقنعون أنفسهم بأن الحكومة هي المخطئة، أو أن أوروبا المسؤولة، أو أنه يجب إرسال شخص آخر. لكن بالنسبة لمعظمهم، إنه الخوف".
وذكر أوليكساندر، مبرمج مختبئ يبلغ من العمر 36 عامًا: "لا أخجل من القول إنني أخشى الانضمام إلى سلاح المشاة".
وتابع: "يخبرني أشخاص في الجيش إن كل مجند تقريبًا من العدد القليل الذين يتلقونهم حاليًا يُرسل لسد عجز سلاح المشاة، الذي يعاني من أكبر عدد من الضحايا".
أزمة متزايدة
عندما نشبت الحرب، فبراير 2022، كان لدى أوكرانيا 260 ألف جندي. وبحلول الصيف، تضخم هذا العدد إلى 700 ألف جندي مع تدفق المتطوعين.
وكتب ستانسيسلاف بونياتوف، جندي ومدون أوكراني، وهو رأي ردده بوردن كروتيفيتش، القائد السابق لكتيبة آزوف، "إن خط الدفاع بأكمله يشبه الغربال".
وصرّح كونراد موزكيا، المحلل العسكري البولندي، بأن "أوكرانيا تخسر الحرب بشكل واضح، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أزمة القوى العاملة.
وقال موزيكا: "تعاني أوكرانيا من نقص في المشاة، بينما تُقمع طائراتها المسيّرة، التي كانت أساس دفاعاتها. والنتيجة هي أننا شهدنا خلال الشهرين الماضيين تقدمًا ملحوظًا للروس على عدة محاور".
أشد وطأة
الأسوأ من ذلك، أن قوات المشاة الأوكرانية آخذة في التقلص، إذ تجاوزت حالات الفرار والإصابات 200 ألف جندي تم تجنيدهم، العام الماضي.
ويُعتقد أن نحو 650 ألف رجل في سن القتال فروا من أوكرانيا. ويختبئ آخرون، مثل بافلو، أو يرشون ضباط التجنيد والأطباء النفسيين في الجيش للحصول على إعفاءات صحية.
وخوفًا من ردة الفعل الشعبية، قاوم زيلينسكي الضغوط الغربية لخفض سن التجنيد من 25 إلى 18 عامًا، وهو ما من شأنه أن يضيف 800 ألف مجند محتمل.
تشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 400 جندي يهجرون ساحة المعركة يوميًا، منهكين من سنوات الحرب، ومحبطين من القيادة الصارمة، ومحبطين من أولئك الذين يتهربون من الخدمة، بحسب "ذا تليجراف".
ترامب السبب
الآن، وبينما يمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره فلاديمير بوتين، القمة الثنائية التي لطالما رغب بها الرئيس الروسي لسنوات، يتحوّل هذا الإحجام إلى أزمة.
وأدى ميل ترامب الملحوظ نحو موسكو إلى تعميق الشعور بالهزيمة. ومع تناقص الرتب، يُقلص الجنرالات وحدات أخرى لملء خطوط المواجهة.
ويُرسل ميكانيكيو القوات الجوية ومشغلو الرادار للقتال كقوات مشاة، إذ يكون متوسط العمر المتوقع أقصر بكثير. وهذا بدوره يجعل المتهربين أكثر إصرارًا على البقاء بعيدًا.