الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"المخزون ينفد".. الأسلحة الأمريكية في خطر بسبب المعادن الصينية

  • مشاركة :
post-title
خط إنتاج مقاتلات حربية بشركة لوكهيد مارتن الأمريكية

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

تتصاعد المخاوف في الولايات المتحدة من اضطراب إمدادات المعادن النادرة والمواد الاستراتيجية الحيوية لصناعاتها الدفاعية، مع تشديد الصين رقابتها على صادرات هذه الموارد، التي تُمثل ركيزة أساسية في صناعة الأسلحة المتطورة الأمريكية.

وصف الرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن، جيمس تايكليت، اتفاق شركته مع MP Materials بأنه "اختراق غير مسبوق"، مؤكدًا أنه سيساعد في ضمان إمدادات المغناطيس الضرورية لتصنيع مقاتلات F-35 وصواريخ كروز. ومع ذلك، حذّر تايكليت من أن بناء مصادر جديدة للإمداد يستغرق وقتًا طويلًا، في ظل اعتماد الولايات المتحدة الكبير على الخارج.

هيمنة صينية

وتورّد الصين نحو 90% من المعادن النادرة في العالم، وتُهيمن على إنتاج العديد من المعادن الأساسية الأخرى، لذلك اضطرت إحدى شركات تصنيع أجزاء الطائرات المسيّرة التي تزود الجيش الأمريكي إلى تأخير الطلبات لمدة تصل شهرين في أثناء بحثها عن مصدر غير صيني للمغناطيسات اللازمة في صنع المسيرات، والتي يتم تجميعها من المعادن النادرة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وفي ضوء الحرب التجارية، تُباع الآن بعض المواد التي تحتاجها صناعة الدفاع بأسعار أعلى بخمسة أضعاف أو أكثر مما كانت عليه قبل القيود الصينية الأخيرة على المعادن.

وذكرت إحدى الشركات، وفقًا للصحيفة، أنها عُرض عليها أخيرًا الساماريوم - عنصر ضروري لصنع مغناطيسات قادرة على تحمل درجات الحرارة القصوى لمحرك طائرة مقاتلة - بسعر أعلى بستين ضعفًا من السعر القياسي. ويشير الموردون والمسؤولون التنفيذيون في قطاع الدفاع إلى أن هذا يُسهم بالفعل في ارتفاع تكلفة أنظمة الدفاع.

ويعتمد الجيش الأمريكي على الصين في معظم سلسلة توريداته، ما يمنح بكين نفوذًا في ظل تصاعد التوترات بين القوتين واحتدام المفاوضات التجارية. إذ يعتمد مصنعو المعدات الدفاعية الذين يزودون الجيش الأمريكي على المعادن التي تُنتج بشكل رئيسي في الصين، وتستخدم في تصنيع الإلكترونيات الدقيقة، ومحركات الطائرات المسيرة، ونظارات الرؤية الليلية، وأنظمة استهداف الصواريخ، والأقمار الصناعية الدفاعية.

تعزيز سلاسل التوريد

في مطلع العام الماضي، أطلقت وزارة الدفاع الأمريكية، منتدى المعادن الحرجة، وهو مبادرة تهدف إلى تحفيز مشروعات جديدة في مجال سلاسل توريد المعادن، سواء داخل الولايات المتحدة أو في الدول الحليفة. ويشمل ذلك مساعدة شركات التعدين على تأمين التمويل لزيادة إنتاجها من معادن أساسية مثل الأنتيمون والجرمانيوم.

وبحسب نيكولاس مايرز، الرئيس التنفيذي لشركة Phoenix Tailings في ولاية ماساتشوستس، فإن شركات الصناعات الدفاعية الأمريكية "بدأت تشعر بالذعر بشكل متزايد، لأنها باتت تدرك أنها لن تحصل على المغناطيس، مهما حدث، ما لم تنخرط بنفسها في تأمين مصادر هذه المواد".

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "ليوناردو دي آر إس" للصناعات الدفاعية، التي يقع مقرها في الولايات المتحدة، إن الشركة نفدت "مخزونها الآمن" من الجرمانيوم.

رد حازم

ترافق ذلك مع مؤشرات قوية من بكين تؤكد صرامتها في تطبيق قيودها على تصدير المعادن. وفي واقعة أثارت قلقًا كبيرًا في واشنطن، حاولت شركة United States Antimony Corporation شحن 55 طنًا متريًا من الأنتيمون المستخرج في أستراليا إلى مصهرها في المكسيك عبر ميناء نينجبو الصيني، وهو مسار كان معتادًا في السابق.

غير أن السلطات الصينية احتجزت الشحنة ثلاثة أشهر، ابتداءً من أبريل الماضي، قبل أن تسمح بالإفراج عنها، يوليو، بشرط إعادتها إلى أستراليا وعدم إرسالها إلى الولايات المتحدة. وعند وصولها، اكتشفت الشركة أن الأختام الخاصة بالشحنة فُتحت، وتحقق حاليًا فيما إذا كان قد تم العبث بالمعدن أو تلويثه.

سباق استراتيجي

تسلط هذه التطورات الضوء على الطابع الاستراتيجي لمعركة المعادن الحرجة، إذ تعتبرها الولايات المتحدة عنصرًا أساسيًا للحفاظ على قدراتها الدفاعية في مواجهة خصومها.

ويرى مراقبون وفقًا لـ"وول ستريت جورنال" أن الصين تستخدم هذه الورقة كأداة ضغط سياسية واقتصادية، مستفيدة من هيمنتها على إنتاج وتكرير العديد من المعادن النادرة.

ويحذر خبراء من أن أي تعطيل إضافي في الإمدادات قد يؤثر مباشرة على برامج تصنيع الطائرات المقاتلة والصواريخ المتطورة، وهو ما قد يُضعف قدرة واشنطن على الحفاظ على تفوقها العسكري، في ظل منافسة متسارعة مع بكين للسيطرة على سلاسل الإمداد الدفاعية العالمية.