أعلنت ألمانيا أنها ستزود أوكرانيا بمنظومات دفاع جوي أمريكية إضافية من طراز "باتريوت" خلال الأيام والأشهر المقبلة، في إطار صفقة ثلاثية مع الولايات المتحدة، تهدف لتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية وسط تصاعد العمليات العسكرية الروسية.
صفقة ألمانية-أمريكية لتسريع الإمدادات
كشف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، وفقًا لما نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، أن حكومته توصلت لاتفاق مع واشنطن "يضمن تعويض المخزون الألماني من أنظمة الدفاع الجوي والحصول على الأولوية في قائمة الإنتاج الأمريكية".
وأوضح "بيستوريوس" أن هذه "المعاملة التفضيلية" كانت شرطًا أساسيًا للصفقة، مؤكدًا أن "ألمانيا هي بلا شك أقوى داعم لأوكرانيا في مجال الدفاع الجوي".
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن برلين ستزود كييف بقاذفات "باتريوت" إضافية خلال الأيام المقبلة، تليها مكونات كاملة لبطاريات دفاع جوي جديدة خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.
وأشار وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميهال إلى أن هذا التسليم المُعجَّل "نتيجة الجهود المشتركة للولايات المتحدة وألمانيا ودول الناتو الأخرى"، مضيفًا أن "المزيد من قدرات الدفاع الجوي لأوكرانيا يعني إنقاذ المزيد من الأرواح البريئة".
التصعيد العسكري وتأثيره على المدنيين
أشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الإعلان الألماني جاء بعد يوم واحد من شنِّ روسيا موجات من الضربات بالصواريخ والطائرات المُسيَّرة على العاصمة الأوكرانية كييف، ما أسفر عن مقتل 31 شخصًا بينهم خمسة أطفال وإصابة 159 آخرين من بينهم 16 طفلاً، في ثاني أعنف قصف جوي على العاصمة منذ بداية العمليات العسكرية الشاملة عام 2022.
وكشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حسبما ذكرته الصحيفة البريطانية، عن حجم العمليات العسكرية الروسية خلال شهر يوليو وحده، والتي شملت إطلاق أكثر من 5100 قنبلة انزلاقية و3800 طائرة مُسيَّرة انتحارية من طراز "شاهد" الإيرانية، بالإضافة إلى ما يقرب من 260 صاروخًا من أنواع مختلفة منها 128 صاروخًا باليستيًا.
التحديات الدفاعية والاحتياجات المتزايدة
تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في تأمين الدفاع الجوي الكافي لأراضيها الشاسعة، إذ تمتلك حاليًا ستة أنظمة "باتريوت" فعالة على الأقل لحماية مناطقها الأكثر أهمية، خاصة العاصمة كييف، ثلاثة منها مقدمة من ألمانيا، إلا أن هذا العدد غير كافٍ لتغطية أكبر دولة من جهة المساحة بالكامل داخل أوروبا، كما يؤكد المسؤولون.
يتوقع المسؤولون الأوكرانيون الحصول على ثلاث بطاريات "باتريوت" من الحلفاء الأوروبيين خلال الأشهر المقبلة، بالإضافة إلى القاذفات الإضافية.
وتجدر الإشارة إلى أن تصنيع نظام "باتريوت" جديد يستغرق عامين كاملين، ما يجعل الترتيبات الحالية لـ"التصنيع المعجَّل" أمرًا بالغ الأهمية.
الموقف الأمريكي والضغوط الدبلوماسية
التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الأمين العام لحلف الناتو مارك روته في البيت الأبيض، الشهر الماضي، وأعرب عن استعداده لتوفير أنظمة "باتريوت" لأوكرانيا مقابل تحمل الحكومات الأوروبية التكلفة، كما أن هذا القرار جاء في سياق إحباط ترامب من عدم استجابة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدعوات التفاوض حول وقف إطلاق النار.
ضيَّق ترامب المهلة المعطاة لبوتين من 50 يومًا إلى 10 أيام فقط للموافقة على هدنة أو مواجهة عقوبات جديدة، لكن بوتين رد بهدوء قائلًا: "جميع خيبات الأمل تنشأ من التوقعات المفرطة، وهذه قاعدة عامة معروفة"، مضيفًا أنه "من أجل التعامل مع القضية بسلام، نحتاج إلى محادثات مفصلة وليس في العلن".
التفاصيل التقنية والترتيبات اللوجستية
وفقًا للترتيب الجديد، ستزود ألمانيا أوكرانيا بـ"مكونات" باتريوت إضافية بدلًا من الأنظمة الكاملة، ما يسمح لكييف بزيادة عدد البطاريات المنتشرة حول البلاد.
تتكون بطارية "باتريوت"، المصنعة من قبل شركة "أر تي إكس" الأمريكية العملاقة للدفاع، من وحدة رادار ومحطة تحكم ومحطة طاقة وصاري هوائي وقاذفات متعددة بالإضافة إلى صواريخ اعتراضية، ومن المتوقع أن تقدم دول أوروبية أخرى مكونات إضافية لتكوين أنظمة دفاعية متكاملة.