كشفت صحيفة "ذا تليجراف" أن الحكومة البريطانية استخدمت وحدة تجسس سرية تابعة لمقر الحكومة في "وايتهول"، لاستهداف منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنتقد فنادق المهاجرين و"الشرطة ذات الوجهين".
وأشار التقرير إلى أن مسؤولين يعملون مع وزير التكنولوجيا بيتر كايل أرسلوا مقاطع فيديو تحتوي على "روايات مثيرة للقلق" -وفق تعبير الصحيفة- إلى شركات التواصل الاجتماعي العملاقة، بما في ذلك "تيك توك"، محذرين من أنها "تؤدي إلى تفاقم التوترات في الشوارع".
وأظهرت رسائل بريد إلكتروني أن المسؤولون البريطانيون "اشتكوا لشركات التكنولوجيا بشأن المحتوى الذي يذكر طالبي اللجوء والهجرة والشرطة ذات الوجهين".
وظهر التقرير في الوقت الذي يخوض فيه مجلس الوزراء العمالي الذي يقوده كير ستارمر معركة ضد مزاعم مفادها أن المملكة المتحدة تفرض رقابة على وسائل التواصل الاجتماعي بموجب قانون السلامة على الإنترنت، بما في ذلك من حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن المرجح أن تؤدي هذه التقارير إلى تأجيج المزاعم بأن حزب العمال يسعى إلى إسكات الانتقادات بشأن استمراره في استخدام فنادق اللاجئين، التي تعهد ستارمر بإنهاء استخدامها بحلول عام 2029، وسط مخاوف من أنها تكلف دافعي الضرائب 4 ملايين جنيه إسترليني يوميًا، وتسبب توترات في المجتمعات المحلية.
انتقاد المهاجرين
يكشف التقرير أن أعضاء فريق الأمن الوطني والمعلومات عبر الإنترنت التابع للحكومة البريطانية "اشتكوا من سلسلة من المنشورات التي كانت تنتقد الهجرة الجماعية وفنادق اللجوء في أغسطس من العام الماضي في أثناء أعمال الشغب في ساوثبورت".
وكان الفريق، الذي يقع مقره في وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا، يُعرف سابقًا باسم "وحدة مكافحة التضليل"، وتم استخدامه أثناء جائحة كوفيد لمراقبة النشطاء المناهضين للإغلاق.
وتضمن أحد المنشورات التي وصفتها الوحدة بأنها "عاجلة" صورة لطلب رفض للحصول على معلومات حول موقع فنادق اللجوء، وإشارة إلى طالبي اللجوء باعتبارهم "ذكورًا في سن القتال غير موثقين"، ونقلت الصحيفة عن موظف حكومي أنه حذر من وجود "مخاطر كبيرة" من تحول الاحتجاجات في فنادق المهاجرين إلى أعمال عنف بسبب هذه المنشورات "وكان هناك شعور واضح بالإلحاح بشأنها في وايتهول".
وفي بريد إلكتروني، حذّر المسؤولون البريطانيون "تيك توك" من أن مستخدمين كانوا ينشرون عن "الشرطة ذات الوجهين" في مسيرات "ساوثبورت"، وسط اتهامات بأن المتظاهرين البيض "تعرضوا لمعاملة أكثر قسوة" من قبل الشرطة مقارنة بالأقليات العرقية.
أيضًا، شمل "المحتوى المقلق" الذي رصدته وحدة التجسس الحكومية مقطع فيديو لرجال باكستانيين يحتفلون في أحد الشوارع، نُشر في 5 أغسطس مع تعليق: "يبدو أنها إسلام أباد، لكنها مانشستر"، والذي يزعم أنه نُشر "لإثارة الخوف في المجتمع المسلم".
ولم يطلب البريطانيون إزالة هذا المحتوى، لكنهم طلبوا من "تيك توك" أن يشرح كيفية تعامله معها.
رقابة حكومية
وصف الكثير من المعارضين إجراءات حكومة ستارمر بأنها تُعدّ رقابة حكومية على حرية التعبير على الإنترنت، وذلك في الوقت الذي تعرض حزب العمال لانتقادات بسبب "التستر" على برنامج سري لإعادة توطين الأفغان المتضررين من تسرب البيانات في عام 2022.
كما أثار نشطاء حرية التعبير مخاوف بشأن سجن لوسي كونولي، التي حُكم عليها بالسجن لمدة 31 شهرًا بسبب منشور عن فنادق اللجوء في يوم هجمات ساوثبورت.
وقال روبرت جينريك، وزير العدل في حكومة الظل: "عندما هاجمت نظام العدالة ذي الوجهين، لم أكن أدرك أن مسؤولي ستارمر كانوا يضغطون على شركات التكنولوجيا لقمع النقاش حوله".
وأضاف أن "هجوم هذه الحكومة الساخر على حرية التعبير لن يؤدي إلا إلى مزيد من تآكل ثقة الجمهور في نظام العدالة الجنائية. الحل يكمن في تطبيق القانون بالتساوي على جميع الفئات، لا في محاولة قمع الانتقادات".