الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

النتائج جاءت عكسية.. خطأ استراتيجي وقع فيه بوتين

  • مشاركة :
post-title
خطأ استراتيجي محتمل في تقديرات بوتين لموقف ترامب من الحرب الأوكرانية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

سلّط تقرير تحليلي صادر عن مؤسسة المجلس الأطلسي الأمريكية الضوء على خطأ استراتيجي محتمل في تقديرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الحرب في أوكرانيا.

ويشير التقرير إلى أن الكرملين ربما أساء تفسير سياسة واشنطن بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، معتمدًا على افتراض أن الإدارة الجديدة ستتجه إلى تخفيف الدعم لكييف والدفع نحو وقف إطلاق النار، غير أن التطورات الأخيرة أثبتت العكس، حيث يتجه الغرب نحو تعزيز غير مسبوق في الدعم العسكري لأوكرانيا، وتشديد مواقف حلف شمال الأطلسي تجاه موسكو.

مفاوضات بلا نتائج

في 23 يوليو، استضافت مدينة إسطنبول جولة مفاوضات جديدة بين وفدين من روسيا وأوكرانيا، استغرقت أربعين دقيقة فقط، واقتصرت نتائجها على اتفاق محدود لتبادل الأسرى، دون إحراز أي تقدم نحو وقف إطلاق نار دائم، ووفقًا للتقرير، فقد أدرك الجانبان مبكرًا أن الخلافات لا تزال عميقة، وأنه لا جدوى من الاستمرار في المفاوضات.

وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، مسبقًا أن الفجوة بين الطرفين لا تزال واسعة، فيما لا يزال بوتين يعوّل على تفوق روسيا في الاستنزاف العسكري والسياسي مقارنة بالغرب، ولا يُظهر اهتمامًا بالضغوط الرامية إلى وقف إطلاق النار التي يُعتقد أن ترامب يسعى إليها.

في 14 يوليو، أعلن البيت الأبيض عن خطوات تصعيدية جديدة ضد روسيا، تضمنت بيع أسلحة متطورة لدول حلف الناتو لتسليمها إلى أوكرانيا، وفرض عقوبات جمركية بنسبة 100% على روسيا وشركائها التجاريين في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق نار خلال خمسين يومًا، ورغم تجاهل موسكو لهذا الإعلان، ووصفه من قبل دميتري ميدفيديف بأنه "كلام فارغ"، تشير الوقائع إلى أن وتيرة الدعم العسكري لأوكرانيا بدأت تتصاعد بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين.

صفقات تسليح متقدمة

من أبرز مظاهر هذا التصعيد ما كشفته زيارة وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إلى واشنطن، حيث تم التوصل إلى اتفاق على تزويد أوكرانيا بخمس بطاريات باتريوت مزودة بصواريخ أمريكية، وستقوم ألمانيا بشراء بطاريتين، إضافة إلى إرسال اثنتين من بطارياتها الخاصة إلى كييف.

كما وقّعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفاقًا يمول بموجبه الاتحاد شراء أسلحة أمريكية، بعضها سيتم تسليمه لأوكرانيا، في حين أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن صفقة بقيمة 322 مليون دولار تشمل أنظمة دفاع جوي HAWK Phase III وقطع غيار لمركبات برادلي القتالية.

ويتوقع التقرير أيضًا قرب التوصل إلى صفقة تقضي بإرسال طائرات مسيّرة أوكرانية إلى الولايات المتحدة، مقابل حصول كييف على أسلحة أمريكية إضافية.

رسائل ردع من الناتو

في 21 يوليو، عقدت مجموعة رامشتاين، بقيادة المملكة المتحدة وألمانيا، اجتماعًا جديدًا لتنسيق الدعم العسكري لأوكرانيا، ووفقًا للتقرير، فقد أعلنت النرويج وهولندا وكندا عن تقديم 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية جديدة، خُصص منها 500 مليون دولار للإنتاج المشترك للطائرات المسيرة والصواريخ داخل أوكرانيا، ما يعكس دعمًا بعيد المدى.

شهدت الفترة الأخيرة أيضًا تحركات رمزية وعسكرية من الناتو، حيث أعلن الجنرال كريس دوناهو، قائد القوات الأمريكية في أوروبا، أن حلف الناتو "قادر بسهولة على السيطرة على كالينينجراد"، وهو الجيب الروسي المحاط ببولندا ودول البلطيق، ورغم وصف موسكو هذا التصريح بأنه "استفزاز"، فإن التقرير يعتبره ردًا متأخرًا ومبررًا على تجاوزات روسيا في المنطقة خلال السنوات الأخيرة.

كما نقل التقرير أن الولايات المتحدة أعادت نشر أسلحة نووية في المملكة المتحدة لأول مرة منذ نحو عشرين عامًا، في خطوة تحمل رمزية كبرى للردع.

محاولة لإغراء ترامب

في ظل هذا التصعيد، رصد التقرير سعيًا روسيًا لاستغلال أي تصدعات سياسية داخل أوكرانيا، حيث حاولت موسكو تضخيم المظاهرات الأخيرة ضد قرار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بوضع هيئات مكافحة الفساد تحت سلطة المدعي العام، لكن زيلينسكي تمكن من امتصاص الغضب الشعبي سريعًا بعد تراجعه عن القرار.

في الوقت ذاته، تشير المعلومات إلى أن موسكو اقترحت عقد لقاء بين بوتين وترامب في بكين خلال احتفالات الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادئ، ويُنظر إلى هذا الاقتراح على أنه محاولة مكشوفة لإغراء ترامب بتمديد مهلة الخمسين يومًا قبل فرض العقوبات الجديدة.

تقدير خاطئ لبوتين

خلص تقرير المجلس الأطلسي إلى أن بوتين ربما يخطئ في حساباته الاستراتيجية، إذا ما أعتقد أن إدارة ترامب الجديدة ستتراجع عن دعم أوكرانيا، فرغم رغبة ترامب في إنهاء الحرب بسرعة، فإن القرارات الأمريكية المتتالية تظهر عزيمة متزايدة لدى واشنطن وحلفائها على الضغط على روسيا.

ويختم التقرير بالتأكيد أن "الكرملين يلعب على عامل الوقت"، إذ يراهن بوتين على أن صبر الغرب سينفد قبل صبره، إلا أن الخيار الوحيد لإنهاء الحرب هو إثبات واشنطن وحلفائها أنهم صامدون على المدى الطويل، ما قد يدفع موسكو في نهاية المطاف إلى القبول بسلام دائم مع أوكرانيا مستقلة.