الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

على ذات نهجها في غزة.. إسرائيل تستخدم سلاح "الجوع" لتعذيب السجناء الأمنيين

  • مشاركة :
post-title
الاحتلال يلجأ للتجويع الكامل للسجناء الأمنيين

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

بين أسوار السجون الإسرائيلية، لا تكون مكانًا لاحتجاز السجناء فحسب، بل يُحتجز معهم الحق في الحياة والكرامة والعلاج، فلم تعد المسألة مجرد تقصير إداري أو فشل مؤسسي، بل تحوّلت كما كشف موقع "Ha-makom" الإسرائيلي إلى سياسة ممنهجة من التجويع والإهمال، تحت نظر سلطة قضائية آثرت الاكتفاء بالصمت.

الجوع يفتك بالأسرى

سلّط موقع "Ha-makom" الإسرائيلي الضوء على تدهور الوضع الصحي والمعيشي داخل السجون الإسرائيلية، حيث يعاني السجناء الأمنيين من جوع حاد، وسوء تغذية، وأمراض غير مُعالجة، وسط تقارير عن وفاة عشرات المعتقلين في ظروف غامضة داخل معتقلات مصلحة السجون.

وبحسب التقرير، فإن ما يُشاهد ويلمس خلال اللقاءات مع المعتقلين يعكس حجم الانهيار الأخلاقي والمؤسساتي في تعامل إسرائيل مع فئة ضعيفة تقع تحت سلطتها الكاملة، مما يكشف تخلّيها عن مسؤولياتها الأساسية، وتحوّل جهاز إنفاذ القانون إلى أداة تعذيب غير معلنة.

صمت يقنن الألم

في سياق الانتهاكات المستمرة، أشار التقرير إلى جلسة المحكمة العليا الإسرائيلية التي نُظرت فيها عريضة مقدمة من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، مدعومة من اللجنة العامة لمناهضة التعذيب، بشأن الإهمال الطبي في علاج مرض "الجرب" داخل السجون.

ورغم اعتبار المنع المتعمد للعلاج نوعًا من التعذيب، أمر القضاة بحذف العريضة بعد أن قدمت مصلحة السجون "إجراءات مكتوبة" قالت إنها تنفذ فعليا، دون أن تطلب المحكمة أي أدلة على التنفيذ الفعلي أو تحقق في حالات الإهمال السابقة، ما عد بمثابة تزكية رسمية لرواية السلطة، وإشارة مقلقة إلى تقاعس القضاء في حماية من يفترض أن يكون صوتهم الأخير.

من "تغذية قسرية" لـ"التجويع"

أبرز التقرير التناقض الجذري بين مواقف إسرائيل قبل عقدٍ من الزمن واليوم؛ ففي الماضي، كانت الجهات الرسمية بما فيها وزارة الصحة ومصلحة السجون والنائب العام تُقدّم الحفاظ على حياة الأسرى المضربين عن الطعام كهدف أساسي، مبررة بذلك استخدام التغذية القسرية، وقد دعمت المحكمة العليا حينها هذا الموقف.

وحسب الموقع الإسرائيلي، فإن ما يحدث اليوم، من قبول صامت بتجويع السجناء الأمنيين، يُعد تراجعًا خطيرًا عن مبدأ "قدسية الحياة"، بل وتطبيعًا ضمنيًا لفقدانها، ما يمثل، حسب وصف الموقع، تحوّلًا مرعبًا في موقف النظام بأكمله.

ومن المرتقب أن تُعقد جلسة استماع جديدة خلال يوليو 2025 أمام المحكمة العليا، للنظر في الالتماس الذي تقدمت به جمعية الحقوق المدنية ومنظمة "الوصول" ضد وزير الأمن القومي المتعلق بتجويع السجناء الأمنيين.

حالات جوع شديد

الالتماس الجديد يتضمن اتهامات صريحة باستمرار سياسة الإهمال، وتدهور جودة الطعام، وتكرار حالات الجوع الشديد، في وقت تُواصل فيه السلطة القضائية غضّ الطرف عن الانتهاكات الممنهجة. ومن غير المعروف ما إذا كانت المحكمة ستعيد النظر في مسؤوليتها الأخلاقية والوظيفية، أم ستبقى رهينة السجلات الرسمية والتبريرات الشكلية.

يخلص التقرير المنشور في موقع "Ha-makom" إلى أن صمت المحكمة العليا، وتخاذل مؤسسات الدولة، يشكلان مؤشراً خطيراً على التغيّرات البنيوية في طبيعة النظام الإسرائيلي، حيث أُفرغت مفاهيم العدالة وحقوق الإنسان من مضمونها، وأُهملت حياة أشخاص لا يملكون إلا أجسادهم الجائعة شاهدةً على قسوة لا تُحتمل.

ويؤكد الموقع أن الدفاع عن حقوق السجناء، مهما كانت تهمهم أو مواقفهم، هو الأساس الذي تُبنى عليه كل ديمقراطية حقيقية. لذلك، يجب أن يكون هذا النضال في مقدمة المعركة من أجل استعادة دولة القانون، لا في هوامشها المنسية.