الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مسودة رسالة إقالة "باول" على مكتب ترامب.. والجميع يحاول إقناعه بالعدول عنها

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس البنك المركزي جيروم باول

القاهرة الإخبارية - ياسمين يوسف

كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعرض مسودة رسالة تهدف إلى إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، خلال اجتماع خاص مع نحو 10 من أعضاء الكونجرس الجمهوريين مساء الثلاثاء الماضي، وسألهم عن آرائهم في الخطوة، وألمح إلى أنه قد يُقدم عليها بالفعل، بحسب مصادر مطلعة على الاجتماع.

ورغم أن ترامب نفى في وقت لاحق أن تكون هناك خطة فورية لتنفيذ الإقالة، مؤكدًا أنه لا يستبعد أي خيار، فإن ما جرى في الاجتماع يثير تكهنات جديدة حول نواياه تجاه باول، الذي عيَّنه بنفسه رئيسًا للفيدرالي في 2017 خلال ولايته الأولى.

وأكد ترامب في لقاء لاحق بالبيت الأبيض، الأربعاء الماضي، أنه ناقش بالفعل مع أعضاء الكونجرس فكرة إقالة باول، قائلًا: "طرحت فكرة عزله وقلت لهم: ما رأيكم؟ تقريبًا الجميع قالوا: افعلها.. لكنني أكثر تحفظًا".

وعلى الرغم من تصريح ترامب بعدم وجود رسالة جاهزة، قال مصدران مطلعان إن مسودة خطاب العزل تم تسليمها له في وقت سابق من هذا الأسبوع، من قِبل مدير وكالة التمويل العقاري الفيدرالية ويليام بولت، المعروف بانتقاداته الحادة لباول، والذي دعا مجددًا إلى استقالته في منشورات عبر منصة "إكس" قبل لحظات من تصريحات ترامب.

وتُعد خطوة إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي -حال حدوثها- تصعيدًا غير مسبوق، إذ لم يُقدِم أي رئيس أمريكي في التاريخ الحديث على مثل هذه الخطوة، كما أن القانون الفيدرالي يمنع الرئيس من عزل مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي دون "سبب قانوني"، مثل ارتكاب مخالفات جسيمة، وليس لمجرد الخلاف حول السياسة النقدية.

وعبّر عدد من مستشاري ترامب عن خشيتهم من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تداعيات مالية واقتصادية واسعة، وسط مؤشرات على أن الأسواق بدأت تتعامل بجدية أكبر مع تهديدات ترامب، رغم اعتيادها على نبرته التصادمية، وسعى وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى إقناع الرئيس الأمريكي بضرورة عدم مغادرة باول، محذرًا من العواقب المالية والمخاطر الاقتصادية التي قد تواجه الولايات المتحدة.

وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أفاد أشخاص مطلعون بأن وزير الخزانة عرض على ترامب في الأيام الأخيرة مسألة عدم إقالة باول بشكل خاص، وأبدى اعتقاده بأنه لا ينبغي للرئيس الأمريكي إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

عواقب اقتصادية

ركزت أسباب بيسنت لتجنب نزاع فوضوي حول الأشهر العشرة الأخيرة لباول في رئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي على عدد من الموضوعات، أبرزها الآثار المحتملة على الاقتصاد والأسواق، واحتمال تحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي بالفعل نحو خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، والعقبات السياسية والقانونية المحتملة التي قد تواجهها هذه الخطوة، وفقًا لهؤلاء الأشخاص.

وقال "بيسنت" إن "إقالة باول غير ضرورية لأن الاقتصاد في حالة جيدة، واستجابت الأسواق بشكل إيجابي لسياسات الرئيس"، وفقًا لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

وكانت احتمالية محاولة ترامب إقالة باول مطروحة منذ أشهر، لكنها عادت للظهور للعلن الأسبوع الماضي، واشتكى الرئيس الأمريكي -مرارًا وتكرارًا- من حاجة الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لخفض نفقات الدين الفيدرالي.

وصرح مسؤول كبير في البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، بأن ترامب أشار إلى المشرعين الجمهوريين في اجتماع عُقد مؤخرًا إلى أنه قد يتحرك قريبًا لإقالة باول، لكنه في وقت لاحق، صرّح للصحفيين بأنه لا ينوي القيام بذلك.

يهدد البنك المركزي

يعتقد العديد من المستثمرين أن محاولة استبدال مسؤولي البنك المركزي بسبب خلافات حول السياسات قد تُقوّض استقلالية البنك المركزي بشكل مطرد، أو سلطته على اتخاذ خطوات غير شعبية عند الضرورة للحفاظ على انخفاض التضخم.

وفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، نصح بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك ترامب في أبريل بعدم محاولة إقالة باول عندما تحدث الرئيس علنًا عن إنهاء منصب رئيس الاحتياطي الفيدرالي.

وأخبر بيسنت ترامب "أنه إذا أقال باول قبل انتهاء ولايته، فقد يرفع رئيس الاحتياطي الفيدرالي دعوى قضائية، وقد تمتد هذه الدعوى إلى الربيع، وهو ما يتزامن مع نهاية ولاية باول على أي حال".

مشكلة قضائية

وفي السياق، أقر بعض المستشارين المقربين من الرئيس الأمريكي بأنه حتى في غياب طعن قضائي محتمل من باول، فإن أي محاولة إقالة قد تخلق فراغًا قياديًا طويل الأمد؛ لأنه لا يوجد ما يضمن أن مجلس الشيوخ، الذي عادةً ما يكون بعيدًا عن واشنطن في أغسطس، سيؤكد بسرعة على بديل.

وإلى جانب العقبات المباشرة، أخبر بيسنت الرئيس الأمريكي أيضًا أنه يسير بخطى ثابتة نحو وضع بصمته على الاحتياطي الفيدرالي.

نشأ الخلاف بين ترامب وباول إثر خفض البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة لأول مرة منذ 11 سنة، وهو ما لم يرق للرئيس الأمريكي الذي وجّه انتقادات لباول، داعيًا إياه بالاستقالة.

وركز ترامب في انتقاداته الأخيرة على رفض باول خفض أسعار الفائدة، رغم قيام بنوك مركزية أخرى في الخارج بذلك، بالإضافة إلى ما وصفه بـ"الفساد المحتمل" في مشروع تجديد مبنى البنك الفيدرالي الذي تُقدر تكلفته حاليًا بأكثر من 2.5 مليار دولار.

يُذكر أن ولاية جيروم باول رئيسًا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي تنتهي رسميًا في مايو 2026، لكنه يمكنه البقاء كعضو في مجلس المحافظين حتى عام 2028، ما لم يُقَل لأسباب قانونية.

ويرى مراقبون أن ترامب، كما جرت العادة، قد يتراجع في اللحظة الأخيرة عن تنفيذ التهديد، مكتفيًا بخلق ضغط إعلامي وسياسي على باول عبر حلفائه، إلا أن إثارة الموضوع بهذا الشكل ووجود مسودة فعلية للعزل تُشير إلى أن القرار -حتى وإن لم يُتخذ بعد- بات أقرب من أي وقت مضى.