شكك خبراء وباحثين من إمكانية تنفيذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديداته ضد روسيا، مشيرين إلى أنه حتى ولو قام بتنفيذها لن تكون نتائجها ذات معنى على الأرض بالنسبة لأوكرانيا التي مزقتها الحرب، في حين أعربت مصادر روسية أن الرئيس الروسي سيواصل الحرب ولن يتوقف.
وعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسلحة متطورة على أوكرانيا من خلال اتفاق مع حلف شمال الأطلسي، الذي سيدفع ثمنهم بالكامل، وفي الوقت ذاته هدد روسيا بفرض رسوم جمركية صارمة، إذا لم يوافق فلاديمير بوتين على اتفاق سلام في غضون 50 يومًا.
خطة معيبة
ورغم التهديد، يشكك العديد من الخبراء في قدرة ترامب على المضي قدما في مثل هذه الإجراءات الاقتصادية الشاملة، بحسب صحيفة كييف إندبندنت، مؤكدين أن خطة ترامب معيبة جدا، ويخشون من أن يظل الحديث عن الرسوم الجمركية مجرد كلام لن يترجم في الواقع.
وربط الخبراء تلك التهديدات الجديدة بالإجراءات التي اتخذتها أمريكا في عهد بايدن مثل تحديد سقف لأسعار النفط أو مكافحة الأسطول الظلي، مشيرين إلى أنه بالفعل تم تقديم ذلك على الأوراق، ولكن في الواقع، لن ينجح شيء منها في وقف الزحف الروسي المتواصل على الأراضي الأوكرانية.
التعريفات الجمركية
وزعم المحللون، أن التعريفات الجمركية الثانوية، كما وصفها ترامب في خطابه، هي عقوبات تجارية تستهدف البلدان أو الشركات التي تستمر في التعامل مع دولة خاضعة للعقوبات مثل روسيا، فبدلاً من فرض عقوبات مباشرة على الدولة المستهدفة، تقوم الولايات المتحدة بمعاقبة شركائها التجاريين من خلال تقييد وصولهم إلى السوق الأمريكية أو النظام المالي الأمريكي.
ويرى الخبراء أن النفط والغاز يشكلان ما يقرب من ثلث الإيرادات الفيدرالية الروسية، ولذلك يعد الحد من التجارة الدولية في هذين القطاعين قد يقلل بشكل كبير من قدرة الكرملين على تمويل حربه في أوكرانيا، وعلى ذلك المنوال إذا قرر ترامب فرض عقوبات على مشتري النفط الروسي، ستكون الصين في المقدمة يليها تركيا والبرازيل.
التأثير الاقتصادي
وتشتري الصين من روسيا ما مجموعه 13% من ناتج النفط الروسي، وبحسب تهديدات ترامب، إذا تم فرض تعريفة جمركية بنسبة 100% على السلع الصينية المستوردة، ستكون النتيجة ارتفاعا حادا في تكلفة تلك السلع بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، ولذلك من غير المرجح أن يخاطر ترامب بمواجهة عواقب الصدام مع العديد من الاقتصادات القوية في وقت واحد.
وإذا نفذ ترامب تهديده، فمن المرجح أن يكون التأثير الاقتصادي معقدا وربما غير منتج، وفقا لهم، حيث إذا أجبر المشترون على دفع رسوم جمركية مرتفعة، فقد يقللون من مشترياتهم من النفط الروسي، وهو ما قد يتسبب في نقص عالمي ويدفع الأسعار إلى الارتفاع، وستفوز روسيا وقتها.
وأجمع الخبراء أنه لن تنخفض إيرادات روسيا، في حين سترتفع أرباح الوسطاء بشكل كبير، حيث ستواصل روسيا بيع نفس الكمية تقريبا من النفط، منه 30 أو 40 % للدول رسميًا، أما الحصة الأكبر ستكون عبر أطلقوا عليه القنوات السوداء الذي يعرف باسم أسطول الظل الروسي.
مواصلة القتال
وفي السياق ذاته، ينوي الرئيس الروسي فلاديمير بوتن مواصلة القتال في أوكرانيا حتى يلتزم الغرب بشروطه للسلام، غير مهتم بتهديدات ترامب بفرض عقوبات أكثر صرامة، حتى أن مطالبه الإقليمية ربما تتسع مع تقدم القوات الروسية على الأرض، بحسب ما نقلته "رويترز" عن مصادر روسية مقربة من الكرملين.
ويعتقد بوتن، أن الاقتصاد الروسي وجيشها قويان بما يكفي لتحمل أي إجراءات غربية إضافية، ولن يوقف الحرب تحت ضغط الغرب، ويرى أن روسيا التي نجت من أشد العقوبات التي فرضها الغرب قادرة على تحمل المزيد من الصعوبات الاقتصادية، بما في ذلك التهديدات بفرض رسوم جمركية أمريكية تستهدف مشتري النفط الروسي.
شروط السلام
ورغم المكالمات الهاتفية العديدة بين ترامب وبوتين، والزيارات التي قام بها المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إلى روسيا، فإن الرئيس الروسي يعتقد أنه لم تكن هناك مناقشات مفصلة حول أساس خطة السلام، ولم يتواصل معه أحد بشكل جدي بما في ذلك الأمريكيون، ولذلك هو يواصل الحرب.
وتشمل شروط بوتين للسلام تعهدا ملزما بأن حلف شمال الأطلسي لن يتوسع شرقا، وحياد أوكرانيا وفرض قيود على قواتها المسلحة، وحماية الناطقين بالروسية الذين يعيشون هناك، وقبول المكاسب الإقليمية لروسيا، واستحواذها على المناطق الأربعة التي أعلنت عنهم مرارًا.