الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لماذا فعل الطيار ذلك؟.. تسجيلات قمرة قيادة الطائرة الهندية المنكوبة تثير الجدل

  • مشاركة :
post-title
تسجيلات قمرة قيادة الطائرة الهندية المنكوبة تثير الجدل

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

لم تكن سوى دقائق بعد إقلاعها من مطار أحمد آباد، حتى تحولت طائرة "بوينج 787 دريملاينر" التابعة للخطوط الجوية الهندية إلى قطعة نار مشتعلة تسقط فوق أحد الأحياء السكنية وتخلّف وراءها كارثة مروّعة راح ضحيتها 260 شخصًا، بينهم 53 بريطانيًا.

وبينما لا تزال أصداء الكارثة مستمرة، أشعل التقرير الأولي للتحقيق في الحادث موجة جديدة من الجدل، بعدما ألمحت تسجيلات قمرة القيادة إلى احتمال وجود خطأ أو حتى فعل متعمد من داخل قمرة القيادة نفسها.

مفتاح الكارثة

في صبيحة يوم 12 يونيو الماضي، أقلعت الرحلة رقم AI171 من مطار أحمد آباد متجهة إلى مطار جاتويك بلندن، وعلى متنها 249 راكبًا و11 فردًا من الطاقم، لكن ثوانٍ فقط بعد الإقلاع، وبشكل غير مبرر، تم إيقاف تشغيل مفتاحي الوقود الرئيسيين في قمرة القيادة، ما تسبب في فقدان كارثي للطاقة وسقوط الطائرة فوق منطقة ميجاني ناجار، ما أدى إلى وفاة 260 شخصًا، من بينهم 19 مدنيًا على الأرض.

ووفقًا للتقرير الصادر عن مكتب تحقيقات حوادث الطيران في الهند (AAIB)، فإن المفاتيح أعيد تشغيلها بعد ثوانٍ فقط من إيقافها، لكن الضرر كان قد حدث، ورغم أن أحد المحركين بدأ في إعادة التشغيل، فإن الآخر لم يتمكن من استعادة الطاقة، ما جعل السقوط أمرًا لا مفرّ منه.

لماذا قٌطع الوقود؟

تضمن التقرير تسجيلًا صوتيًا من قمرة القيادة، سُمع فيه أحد الطيارين يسأل الآخر: "لماذا قاطعها؟"، فيما جاء رد زميله: "لم أفعل ذلك"، إذ تكمن الخطورة في أن مفاتيح الوقود مزودة بآلية قفل تمنع تشغيلها أو إيقافها عرضًا، إذ يجب رفعها يدويًا وتحريكها بعناية، ما يعني أن أي تغيير في موضعها يتطلب تدخلًا بشريًا واعيًا.

وقال الكابتن موهان رانجانثان، أحد أبرز خبراء الطيران في الهند، لقناة NDTV: "لا يمكن إيقاف المفاتيح تلقائيًا أو بسبب خلل كهربائي، هذه ليست أزرارًا انزلاقية، بل تتطلب سحبًا يدويًا من موقع مخصص، إنه اختيار يدوي متعمّد". وأضاف: "كان لابد من القيام بذلك عن قصد، لا يوجد تفسير آخر سوى أن أحد الطيارين فعلها وهو يدرك العواقب".

غضب أسر الضحايا

قاد الطائرة الكابتن سوميت سابهاروال، وهو طيار ذو خبرة تتجاوز 10,000 ساعة على الطائرات عريضة البدن، بمساعدة الضابط الأول كلايف كوندر الذي يمتلك أكثر من 3,400 ساعة طيران، وكان الضابط الأول يقود الطائرة لحظة الإقلاع، بينما كان الكابتن يراقب الوضع.

وفيما أشار التقرير إلى أن الطيارَين حصلا على قسط كافٍ من الراحة قبل الرحلة، وأظهرت نتائج تحليل التنفس أنهما "جاهزان للعمل"، إلا أن الشكوك لا تزال تحوم حول خطأ أو نية محتملة.

وأعرب أقارب بعض الضحايا عن رفضهم للنتائج الأولية، حيث قال أمين صديقي، الذي فقد صهره وزوجته وطفلتهما وفق "ديلي ميل" البريطانية: "هذا التقرير خاطئ، نحن لا نقبله، إنها محاولة للتستر على فشل شركة طيران الهند والحكومة، لا يمكن إلقاء اللوم على الطيارين القتلى العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم".

تجاهل التحذيرات

بحسب التقرير، لم تُسجَّل أي أعطال ميكانيكية في نظام الوقود، وكانت الحمولة ضمن الحدود، كما لم يُرصد نشاط كبير للطيور في المجال الجوي لحظة الإقلاع، كما تم التأكد من أن وقود الطائرة كان سليمًا.

وبعد الحادث، أظهرت لقطات المراقبة الجوية أن توربين الهواء الكبش (RAT)، الذي يعمل كمصدر طاقة احتياطي في حالات الطوارئ، تم نشره ما يدل على انقطاع كامل للطاقة بعد الإقلاع.

وأشارت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) في ديسمبر 2018 إلى خطر محتمل في مفاتيح الوقود في بعض طائرات بوينج 737 عند تعطيل خاصية "القفل"، وجاء في نشرتها التحذيرية: "قد يؤدي تشغيل المفاتيح بدون رفعها إلى توقف المحرك أثناء الطيران".

لكن شركة طيران الهند لم تطبّق تلك التوصيات، معتبرة إياها "استشارية" فقط، وهو ما زاد من القلق بشأن مدى التزام الشركة بالمعايير الدولية للسلامة.

الصندوقان الأسودان

يشارك المجلس الوطني الأمريكي لسلامة النقل (NTSB) في التحقيق، إلى جانب دعم تقني من شركتي بوينج وجنرال إلكتريك، لكن التوترات تصاعدت بين المحققين الأمركيين والهنود، خصوصًا حول تأخر تحليل الصندوقين الأسودين للطائرة.

ونقلت مصادر صحفية أن الفريق الأمريكي فكر في الانسحاب من التحقيق، قبل أن يقرر البقاء، إلا أنه عاد إلى الولايات المتحدة منذ ذلك الحين، مع غياب الشفافية بشأن تحليل مسجلات الصوت والبيانات.

ومن بين جميع ركاب الطائرة، لم ينجُ سوى شخص واحد هو البريطاني فيشواش كومار راميش، الذي كان في زيارة عمل مع شقيقه، فكان يجلس في المقعد 11A بجوار مخرج الطوارئ، بينما قُتل شقيقه في المقعد 11J جراء الانفجار، وقال فيشواش للصحفيين: "إنها معجزة أنني على قيد الحياة.. لكنني خسرت أخي".

رد شركة الطيران

في بيان رسمي، قالت شركة طيران الهند: "نحن نقف إلى جانب عائلات الضحايا، ونؤكد التزامنا الكامل بالتعاون مع السلطات والجهات التنظيمية، ونواصل تقديم الدعم الكامل، لكننا لا نستطيع التعليق على التفاصيل بسبب طبيعة التحقيق المستمرة".

كانت هذه الحادثة أول كارثة قاتلة تتعلق بطائرة دريملاينر، وضربة جديدة لشركة بوينج، التي واجهت في السابق سلسلة من الحوادث القاتلة لطراز 737 ماكس، وأثارت شكوكًا واسعة حول موثوقية تصنيع الطائرات وأنظمتها.