كشفت تقارير صحفية أمريكية عن استخدام مكتب التحقيقات الفيدرالي لأجهزة كشف الكذب في خطوة غير مسبوقة لاختبار مدى ولاء موظفيه لمدير الوكالة الجديد كاش باتيل، المُعيَّن من قبل الرئيس دونالد ترامب، وسط حملة أوسع لمكافحة التسريبات الإعلامية داخل الإدارة الأمريكية.
اختبار ولاء
وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، استجوب مكتب التحقيقات الفيدرالي عملاءه حول تصريحاتهم السابقة بشأن باتيل، وما إذا كانوا قد سربوا معلومات عنه لوسائل الإعلام.
وأفاد مصدران مطلعان لـ"نيويورك تايمز" أن المكتب طرح على كبار المسؤولين أثناء اختبارات كشف الكذب أسئلة حول ما إذا كانوا قد أدلوا بتصريحات سلبية عن باتيل في أي وقت مضى.
وذكرت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية أن المسؤولين أُجبروا على إجراء اختبار كشف الكذب عندما كان المكتب يحاول معرفة من أخبر وسائل الإعلام أن باتيل طالب بالحصول على سلاح خدمة، رغم أنه ليس عميلاً ميدانيًا.
واستُخدمت هذه الاختبارات أيضًا لتحديد الموظفين الذين قد يكونون قد خانوا بلادهم أو أظهروا عدم قدرتهم على الوثوق بهم في التعامل مع الأسرار الحكومية.
يُعتقد أن عشرات المسؤولين طُلب منهم إجراء هذه الاختبارات، لكن من غير الواضح كم منهم تم استجوابهم حول ولائهم لباتيل تحديدًا.
وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالي في أبريل الماضي لوكالة "رويترز" أنه بدأ استخدام اختبارات كشف الكذب لمحاولة تحديد مصدر التسريبات، قائلًا: "يمكننا تأكيد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي بدأ في إجراء اختبارات كشف الكذب لتحديد مصدر تسريبات المعلومات داخل المكتب".
انتقادات من داخل المكتب
انتقد جيمس ديفيدسون، العميل السابق الذي أمضى 23 عامًا في مكتب التحقيقات الفيدرالي، الاستخدام المتزايد للاختبارات لاستجواب ولاء الموظفين، معتبرًا أن ذلك يقوض مصداقية باتيل كمدير.
وقال ديفيدسون لصحيفة "نيويورك تايمز": "ولاء موظف مكتب التحقيقات الفيدرالي يجب أن يكون للدستور، وليس للمدير أو نائب المدير. هذا يقول كل شيء عن ضعف شخصية باتيل".
ومع ذلك، أشار خبراء سابقون في أجهزة كشف الكذب، بحسب "نيويورك تايمز"، إلى أن الاستجواب حول باتيل قد يكون "سؤال تحكم"، والذي يُستخدم لإثارة استجابة فسيولوجية من الشخص المختبَر، بغض النظر عما إذا كان يقول الحقيقة أم لا.
وتجدر الإشارة إلى أن اختبارات كشف الكذب لا تُستخدم كدليل في المحاكم، لكن أجهزة الأمن القومي تستخدمها بانتظام كجزء من التحقيقات وفحوصات الخلفية.
حملة ترامب ضد التسريبات
تأتي هذه الحملة على التسريبات كجزء من اتجاه أوسع داخل إدارة ترامب، التي اتخذت خطوات لمقاضاة المسؤولين عن التسريبات.
وسهّلت وزارة العدل الأمريكية بالفعل على المدعين العامين الذين يحققون في التسريبات طلب السجلات والشهادات من الصحفيين.
وحذر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث المستشارين الكبار السابقين من أنه يمكن مقاضاتهم بسبب تسريب معلومات البنتاجون.
وهاجم هيجسيث، إلى جانب الرئيس الأمريكي، مسؤولي البنتاغون في يونيو الماضي بعد تقارير تفيد بأن الضربات ضد المرافق النووية الإيرانية لم تكن ناجحة كما كان يُعتقد في البداية.
وقال هيجسيث إن تقييم البنتاجون تم بـ"ثقة منخفضة"، ما يعني أن المعلومات الاستخباراتية المستخدمة في التقييم لم تكن مؤكدة أو موثوقة بما فيه الكفاية، وأكد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يبحث في تسريب هذه المعلومات الحساسة.
كما تعهدت تولسي جابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية، في مارس الماضي بـ"المتابعة القوية للمسربين الأخيرين" لمحاسبتهم على الكشف غير المصرح به للمعلومات.
وقالت جابارد إنها مستعدة للعمل مع وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي "للتحقيق والإنهاء والمقاضاة" للمسربين الذين أشارت إليهم بـ"المجرمين"، وفقًا لما نقلته "ذا تليجراف".
خلفية تعيين باتيل
تشير "ذا تليجراف" إلى أنه تم تعيين باتيل كمدير لمكتب التحقيقات الفيدرالي في وقت سابق من هذا العام بعد تصويت ضيق في مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث واجه ترشيحه مقاومة من بعض أعضاء الكونغرس.
ويُنظر إلى باتيل كحليف وفيّ لترامب ومن المقربين إليه، وقد أثار جدلًا واسعًا عندما رفض خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ التعهد بعدم التحقيق مع المسؤولين الحكوميين والسياسيين الذين يعتبرهم الرئيس ترامب معارضين أو خصومًا سياسيين له، ما أثار مخاوف جدية من أن مكتب التحقيقات الفيدرالي قد يتم استخدامه كأداة سياسية لتصفية الحسابات مع المعارضين، مما يتعارض مع مبدأ استقلالية الجهاز الأمني عن التوجهات السياسية.