بينما لا يزال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يعمل على تشكيل حكومته لفترة ولايته الثانية، وسوف تصبح العديد من المناصب الحكومية الأخرى شاغرة، عندما يؤدي اليمين الدستورية في يناير المقبل، هناك توقعات متزايدة بأنه سوف يتسبب سريعًا في شغور منصب جديد، من خلال إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كريستوفر راي.
ورغم أن ترامب هو الذي وظف راي (الجمهوري) من خلال ترشيحه لفترة مدتها عشر سنوات في عام 2017؛ لكن مع ذلك "لم يتردد ترامب قط في إقالة شخص دعمه ذات يوم"، بحسب تقرير لشبكة CNN.
ويبقى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي لعشر سنوات نتيجة لقانون ما بعد فضيحة "ووترجيت"، والذي جاء ردًا على قيادة إدجار هوفر لمكتب التحقيقات الفيدرالي لمدة 48 عامًا. في الوقت الذي يريد ترامب الذهاب في الاتجاه المعاكس، وإخضاع مكتب التحقيقات الفيدرالي بشكل أكبر لسيطرة الرئيس.
وكان ترامب، بعد أشهر من توليه منصبه في ولايته الأولى في عام 2017، أقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي -آنذاك- جيمس كومي، والذي كان جمهوريًا أيضًا، على الرغم من ترشيحه لهذا المنصب من قبل الرئيس الديمقراطي باراك أوباما.
لاحقًا، في عام 2018، قال كومي إنه "لا يمكن ربطه" بالحزب الجمهوري؛ بسبب تأثير ترامب على الحزب.
إقالات وتساؤلات
في الحقيقة، ليس الرئيس الجمهوري العائد إلى البيت الأبيض هو الأول الذي يحاول -أو ينوي- إقالة مدير المكتب الفيدرالي.
خلال الحملة الرئاسية لعام 1976، قال جيمي كارتر إنه كان سيطرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي -آنذاك- كلارنس كيلي، بسبب الكشف عن ستائر النوافذ المثبتة بشكل غير صحيح في منزله، من بين أمور أخرى.
لم يطرد كارتر كيلي فور توليه البيت الأبيض، لكنه أُجبر في النهاية على الاستقالة، وفقا لدوجلاس تشارلز، استاذ التاريخ في جامعة ولاية بنسلفانيا، الذي أشار إلى أن فضيحة الستائر "تبدو اليوم وكأنها شيء تافه للغاية"؛ ولكن في ذلك الوقت، كان من شأن ذلك أن يشكل اختبارًا للقانون الجديد، الذي أقره الكونجرس في عام 1976، لكي يتمكن كارتر من طرد كيلي.
وفي عام 1993، أقال الرئيس الأسبق بيل كلينتون مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي -آنذاك- ويليام سيشنز، بعد ظهور تقرير أخلاقي داخلي خلال الحملة الرئاسية في العام السابق.
وتضمن التقرير أسئلة حول سياج بقيمة 10 آلاف دولار تم تركيبه حول منزل المدير، والرحلات الجوية التي قام بها، من بين قضايا أخرى.
وبالنسبة لفترة ترامب الأولى، كانت الأسباب المعلنة لإقالة كومي، والتي وردت في مذكرة أعدت لوزارة العدل في عهد ترامب، متناقضة. فقد تعرض كومي لانتقادات بسبب عدم مقاضاة هيلاري كلينتون بسبب معاملتها للمواد السرية، ثم بسبب نشر معلومات "مهينة" عن كلينتون في مؤتمر صحفي.
وكان السبب الحقيقي لإقالة كومي، كما اعترف ترامب لشبكة NBC News في ذلك الوقت، هو التحقيق الذي أجراه كومي في العلاقات بين حملة ترامب لعام 2016 وروسيا.
مدير آخر
عقب الغضب الذي أعقب إقالة كومي، كان كاتب مذكرة وزارة العدل التي أوصت بإقالة كومي، نائب المدعي العام -آنذاك- رود روزنشتاين، هو الذي عين مستشارا خاصا لمتابعة التحقيق في روسيا.
وقد عين روزنشتاين المستشار الخاص لأن المدعي العام لترامب، جيف سيشنز، تنحى عن أي تحقيق يتعلق بحملة ترامب الانتخابية في عام 2016. وقد فعل سيشنز ذلك لأنه فشل خلال جلسات تأكيد مجلس الشيوخ في الكشف عن الاتصالات التي أجراها قبل الانتخابات مع السفير الروسي لدى الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
واختار روزنشتاين لقيادة التحقيق في التدخل الروسي روبرت مولر، الذي كان مديرا سابقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وتشير CNN إلى أنه "كان يحظى بالاحترام على نطاق واسع، وكان قد تولى إدارة مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل أيام من هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. وأقر الكونجرس قانونا خاصا لتمديد ولايته لمدة عامين خلال إدارة أوباما".
يقول التقرير: "إن أي شخص يتذكر الفترة الأولى لترامب يستطيع أن يتذكر أن التكهنات حول التحقيق في روسيا امتصت قدرا كبيرا من الأكسجين في واشنطن وأدت إلى محاكمة العديد من كبار مساعدي ترامب في حملة 2016، بما في ذلك رئيس الحملة بول مانافورت، الذي عفا عنه ترامب في وقت لاحق. وقد اشتكى ترامب من أن التحقيق كان جزءا من جهود "الدولة العميقة" لتقويضه".
كان تعاون مايكل كوهين، المستشار السابق لترامب، مع تحقيق مولر هو ما أدى إلى الكشف عن مدفوعات الأموال التي تمت إدانة ترامب بها في نيويورك في وقت سابق من هذا العام. لكن، تأجلت محاكمة ترامب بتهمة تزوير سجلات تجارية في 34 تهمة إلى أجل غير مسمى بعد فوزه في الانتخابات.
وتأخر إصدار تقرير مولر بسبب وزير العدل الثاني في إدارة ترامب، بيل بار، الذي أعطى الانطباع بأن تقرير مولر برأ ترامب، ولكن هذا لم يحدث، فقد كان مولر مقيدًا بقواعد وزارة العدل التي تحظر مقاضاة رئيس في منصبه.
وعندما صدر التقرير الكامل في أبريل 2019، قال مولر إنه لم يكن هناك أدلة كافية لإثبات التواطؤ بين حملة ترامب والروس. لكنه لم يبرئ ترامب على وجه التحديد.
أيضا، كانت هناك فضائح مرتبطة بقضية التدخل الروسي المزعوم، مثل نشر رسائل نصية مناهضة لترامب من قبل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي في ذلك الوقت، بيتر سترزوك، الذي لعب دورًا في البداية في تحقيق مولر، وليزا بيج، التي كانت محامية في المكتب الفيدرالي -آنذاك- وكان سترزوك على علاقة غرامية بها.