الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

إجراءات انتقامية ووعد انتخابي.. ترامب يبدأ عقاب محققي قضية علاقته بروسيا

  • مشاركة :
post-title
جون برينان المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية والرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس


كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن توجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستهداف كبار المسؤولين الذين أشرفوا على التحقيق في علاقات حملته الانتخابية عام 2016 بروسيا، في خطوة تعد من أبرز مؤشرات تنفيذ وعوده الانتخابية بالانتقام من أعدائه السياسيين.

استهداف مسؤولين سابقين

وفقًا لمصادر مطلعة نقلت عنها "نيويورك تايمز"، يستهدف مدير وكالة الاستخبارات المركزية الحالي جون راتكليف -الناقد الشرس لأسلافه الديمقراطيين- كلًا من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي، ومدير CIA السابق جون برينان، إذ أحال الأخير إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي بتهمة الكذب أمام الكونجرس، بينما يخضع الأول للفحص من قبل المكتب الفيدرالي بسبب دوره في تحقيق روسيا، رغم أن الأساس الدقيق للتحقيق لا يزال غير واضح.

موقف البيت الأبيض

احتفى مسؤولو البيت الأبيض، الذين غالبًا ما تجاهلوا الضمانات المخصصة لحماية إنفاذ القانون الفيدرالي من التدخل الرئاسي، بهذه الخطوات بعد أن أفادت شبكة "فوكس نيوز ديجيتال" بإحالة برينان والإجراءات المتعلقة بكومي.

وصرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، في مقابلة مع فوكس: "يسعدني أن أرى وزارة العدل تفتح هذا التحقيق.. لقد رأينا فسادًا في أعلى المستويات ضد الرئيس ترامب.. لقد ألقت الدولة العميقة بكل شيء عليه، دون تقديم أي دليل لدعم ادعائها".

عندما سُئل ترامب عن التغطية الإعلامية المتعلقة بمنافسيه المفترضين، قال -أمس الأربعاء- إنه "لا يعرف شيئًا عن الأمر سوى ما قرأه اليوم"، لكنه وصفهم بأنهم "أشخاص غير شرفاء جدًا".

أهداف سياسية

تشير الصحيفة إلى أن هذه التطورات تثير تساؤلات حول ما إذا كان التدقيق الحالي سيؤدي إلى نتائج قانونية ملموسة من عدمه، إذ إنه بالرغم من عدم وضوح المسار القانوني، كشفت "نيويورك تايمز" أن المسؤولين في الإدارة الجديدة لا يرون في غياب الأدلة الكافية عائقًا أمام تحقيق أهدافهم السياسية.

يؤكد هذا التوجه إد مارتن، الحليف المقرب لترامب والذي تم تكليفه بالإشراف على فرقة عمل خاصة تُعنى بالتحقيق في ادعاءات "تسليح" الأجهزة الفيدرالية، أي استخدام مؤسسات مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل كأسلحة سياسية ضد ترامب وحلفائه.

أشار "مارتن" إلى أن مجرد تسمية أعداء ترامب وإحراجهم علنًا يُعد "هدفًا مقبولًا ومحقِقًا للغرض المطلوب" حتى لو لم تكن هناك أدلة كافية لتأمين لائحة اتهام من هيئة المحلفين الكبرى.

جيمس كومي ودونالد ترامب في البيت الأبيض - أرشيفية 2017
الصراع مع كومي

يُعد المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي من أبرز الشخصيات التي ظلت في مرمى نيران ترامب لفترة طويلة، إذ أثارت قراراته عام 2016، عندما أعلن إعادة فتح التحقيق في رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية قبل 11 يومًا من الانتخابات، بينما أبقى التحقيق في العلاقات المحتملة بين حملة ترامب وروسيا طي الكتمان، ما أثار جدلًا واسعًا حول تأثير هذا التوقيت على نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب. 

يعتقد العديد من المراقبين أن إعلان كومي المفاجئ أضر بحظوظ كلينتون وأسهم في فوز ترامب، ورغم ذلك جعل الرئيس الأمريكي كومي هدفًا مستمرًا لانتقاداته ويرى فيه عدوًا سياسيًا. 

وفي عام 2018، أخبر "ترامب" مستشار البيت الأبيض أنه يخطط لأمر وزارة العدل بمحاكمة كومي وكلينتون، لكن المستشار الثاني دونالد ماكجان رفض ذلك، قائلًا إنه لا يملك سلطة للقيام بذلك، وأنه بينما يمكنه طلب تحقيق، فإن ذلك قد يثير اتهامات بإساءة استخدام السلطة، وكتب مذكرة تحذِّر من أنه قد يواجه مجموعة من العواقب، بما في ذلك العزل.

في مايو الماضي، انتقد ترامب كومي بعد أن نشر المدير السابق صورة لتشكيل من الأصداف البحرية مرتبة لتقرأ "86 47" - وهو رمز مشفر فسَّره ترامب كدعوة للاغتيال، إذ إن الرقم "86" يعني "التخلص من" في الثقافة الأمريكية، بينما "47" يشير إلى ترامب بصفته الرئيس الـ47، إلا أن كومي نفى أي دافع شرير للمنشور وحذفه بسرعة.

قضية برينان

تنبع الإحالة ضد برينان من مراجعة حديثة أجرتها وكالة الاستخبارات المركزية لتقييمها بشأن التدخل الروسي في انتخابات ذلك عام 2016.

وبينما لم تقوِّض المراجعة الجديدة نتائج التقييم السابق، فإنها انتقدت بشدة برينان وإشرافه على العمل التحليلي، وكذلك القيادة العليا للوكالة، لاستعجال تحقيق "ترامب-روسيا"، لكنها لم تسفر عن نتيجة أساسية بأن روسيا فضلت ترامب على كلينتون في انتخابات 2016.

كشف التقرير، الذي رُفِعت عنه السرية ونُشر في أواخر الشهر الماضي، عن نقطة خلاف محورية تتعلق بما يُعرف بـ"ملف ستيل"، وهو مجموعة من الادعاءات حول ترامب جمعها ضابط الاستخبارات البريطاني السابق كريستوفر ستيل.

يدور الجدل حول دور برينان في إدراج هذا الملف ضمن التقييم الاستخباراتي الأمريكي لعام 2016.

من جهته، دافع برينان عن موقفه في مذكراته وشهادته أمام الكونجرس، مؤكدًا أنه وقف إلى جانب محللي وكالة الاستخبارات المركزية الذين عارضوا إدراج الملف في التقييم الرئيسي.

وبحسب روايته، فإن الملف أُدرج في النهاية كملحق منفصل دون أن يؤثر على النتائج الأساسية للتقييم، وكتب في مذكراته "بلا خوف": "الملف لم يؤثر على أي من التحليل أو الأحكام في التقييم نفسه".

تشير المراجعة إلى أن برينان "بدا أكثر انجذابًا لتوافق محتوى الملف مع النظريات المسبقة الموجودة، أكثر من اهتمامه بالمعايير المهنية الصحيحة للعمل الاستخباراتي".

والأهم من ذلك، كشفت المراجعة عن وثيقة مكتوبة وقعها برينان بنفسه جاء فيها: "خلاصتي هي أنني أعتقد أن المعلومات تستحق الإدراج في التقرير"، ما يناقض تمامًا ادعاءاته السابقة بأنه عارض إدراج الملف.

التحديات القانونية

تواجه الإحالة ضد برينان عقبات قانونية جدية، إذ إن شهادته أمام مجلس الشيوخ تعود لسبع سنوات، ما يتجاوز قانون التقادم التقليدي في مثل هذه القضايا.

وبينما لم يرد برينان، الذي أيّد كامالا هاريس في 2024 ووصف ترامب بأنه غير صالح للمنصب، على طلبات التعليق، استنكر مسؤولون استخباراتيون سابقون الإحالة واصفين إياها بأنها "مجرد جهد لإرضاء قاعدة ترامب السياسية"، ومن جهتها، رفضت الوكالات الحكومية التعليق على "التحقيقات الجارية".