الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صلاح قابيل.. فنان رفع شعار "العمل قبل النجومية" فخلدته ذاكرة السينما

  • مشاركة :
post-title
صلاح قابيل

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

لم يكن صلاح قابيل الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، من نجوم الصف الأول الذين تتصدر أسماؤهم أفيشات الأفلام والمسلسلات، لكنه كان واحدًا من أكثر الممثلين حضورًا على الشاشة المصرية طوال ثلاثة عقود، فهو ممثل تشكلت مسيرته بعيدًا عن الطرق السهلة، إذ بدأ من أدوار صغيرة، وواصل طريقه بين السينما والتلفزيون، رغم ما وجده من رفض عائلي لدخول عالم التمثيل، فدفعه شغفه إلى ترك دراسة الحقوق والالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وعلى الرغم من تأخر ظهوره الأول، تمكن من تثبيت اسمه وتحقيق نجاح ظل باقيًا حتى بعد رحيله.

ولد محمد صلاح الدين أحمد قابيل في عام 1931 بمحافظة الدقهلية شمال شرق دلتا مصر، إذ نشأ في أسرة بسيطة، عُرف عنها التمسك بالتقاليد والأعراف، فكان والده يرفض بشكل قاطع أن يعمل ابنه في مجال الفن والتمثيل، ولأن الابن كان حريصًا على إرضاء والده، التحق بكلية الحقوق، لكنه لم يستطع طويلًا مقاومة نداء الفن الذي ظل يلاحقه حتى دفعه في النهاية إلى ترك الجامعة، متجهًا إلى المعهد العالي للفنون المسرحية حيث تخرج فيه عام 1958.

لم يكن الطريق إلى حلم التمثيل مفروشًا أمامه؛ إذ أمضى عشر سنوات كاملة قبل أن يحصل على أول أدواره السينمائية، ويروي عن تلك الفترة، في أحد حواراته التلفزيونية: "لقد التحقت بمعهد التمثيل بعد أن تركت كلية الحقوق، لكن الطريق لم يكن سهلًا، فقد جلست عشرة أعوام كاملة أبحث عن فرصة، وخلالها كنت حريصًا على أن أنمي موهبتي، أقرأ كتبًا فنية، وأتابع العروض المسرحية، وأسعى باستمرار إلى تطوير أدواتي".

وجاءت فرصته الأولى عبر فيلم "زقاق المدق"، العمل المأخوذ عن رواية الأديب العالمي نجيب محفوظ، حيث لفت أداؤه أنظار النقاد والجمهور، ليبدأ بعدها مشوار امتد ما يقرب من ثلاثة عقود.

مشهد سينمائي يجمع صلاح قابيل والفنانة المصرية نادية الجندي

وكان صلاح قابيل حريصًا في اختياراته، ويتمسك بأن يقدم أدوارًا لها مضمون وقيمة، مؤمنًا أن البقاء ليس لمن يتصدر الأفيشات، وإنما لمن يترك أثرًا في وجدان المتلقي، وقد لخص هذه الفلسفة بقوله: "يهمني أن أكون ممثلًا، ولا تعنيني فكرة أن أكون نجمًا".

وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه في عالم السينما والدراما، فإن المسرح لم يأخذ نصيبه من مسيرة قابيل، وهو ما أقرّ به في حديث تليفزيوني، قائلًا: "أعترف أنني مقصر في حق المسرح، وأعمالي على خشبته قليلة للغاية".

أما الإذاعة، فلم تجذب اهتمامه كثيرًا، مبررًا ذلك بأنها وسيلة لا تصل إلى الجمهور بذات التأثير الذي تحققه الشاشة، وكان يقول في هذا الصدد: "لست مجتهدًا إذاعيًا، وربما أشارك في عمل واحد فقط إذا طلب مني، فالإذاعة لا تحقق لي ما أبحث عنه من تفاعل مباشر مع الجمهور".

في السينما، قدّم قابيل عددًا من الأعمال السينمائية والدرامية التي أصبحت علامات في تاريخ الفن المصري، منها "بين القصرين"، "أفواه وأرانب"، "نحن لا نزرع الشوك"، "دموع في عيون وقحة"، "أغنية على الممر"، والبريء".

وعلى الرغم من المكانة الفنية الكبيرة التي حققها، كان صلاح قابيل شديد الحرص على الفصل بين حياته الشخصية ومسيرته الفنية، وكان يرى أن الفنان لا يقاس بحجم أخباره العائلية أو الخاصة، بل بما يقدّمه على الشاشة.

هذا الحرص على الخصوصية أفسح المجال أمام الشائعات، إذ تردد في بعض الأوساط أنه تزوج من الفنانة وداد حمدي، وهو ما نفاه نجله عمرو قابيل مرارًا، مؤكدًا أن العلاقة بين والده ووداد حمدي كانت صداقة قديمة لا أكثر.

في الثالث من ديسمبر عام 1992، توقفت رحلة صلاح قابيل بعد تعرضه لنزيف في المخ، تاركًا إرثًا من الأعمال التي ما زالت تحيا في ذاكرة المشاهد المصري والعربي.