وسط التصعيد الدائر حاليًا، تتحرك إسرائيل والولايات المتحدة على مسرح الشرق الأوسط بخطى متسارعة نحو إيران، فمن قصف منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، إلى استهداف رموز سيادية داخل العاصمة الإيرانية، لتتّضح تدريجيًا النوايا الحقيقية للحملة بالسعي لإسقاط النظام الإيراني الحالي بقيادة المرشد علي خامنئي.
أهداف غير مسبوقة
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أن ضربات اليوم، الاثنين، ضد إيران استهدفت مجموعة من "الرموز المركزية للنظام الإيراني"، وليس فقط مواقع عسكرية أو نووية كما في السابق، وشملت الضربات سجن إيفين الشهير، حيث يُحتجز معارضو النظام والسجناء السياسيون، ومقرات الباسيج، الذراع التطوعية العقائدية للحرس الثوري، ومقر الأمن الداخلي للحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى ساعة "تدمير إسرائيل" في ساحة فلسطين بطهران.
وحسب صحيفة "معاريف" الإسرائيلية فإن توسيع بنك الأهداف بهذا الشكل يفتح الباب أمام تحول نوعي في الاستراتيجية الإسرائيلية، يتجاوز الحسابات العسكرية التقليدية نحو محاولة إضعاف هيبة النظام وزعزعة رموزه، ورغم التصريحات المتكررة من مسؤولين إسرائيليين بأن "تغيير النظام ليس هدفًا رسميًا"، فإن "كاتس" نفسه لم ينفِ أنه "نتيجة مرغوبة".
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، استخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصة "تروث سوشيال" ليصرّح بما يشبه الدعوة العلنية لتغيير النظام في إيران، إذ كتب: "إذا كان النظام الإيراني الحالي عاجزًا عن جعل إيران عظيمة مجددًا، فلماذا لا نغير النظام؟".
ورغم أن "ترامب" تحفّظ في تصريحات رسمية على استخدام مصطلح "تغيير النظام"، فإن إشاراته العلنية باتت أكثر صراحةً من أي وقت مضى.
وتزامن ذلك مع إعلان البيت الأبيض عن أضرار جسيمة في المنشآت النووية الإيرانية بفعل ضربات جوية أمريكية شملت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، باستخدام قاذفات B-2 الشبحية وقنابل خارقة للتحصينات، وقد أكد ترامب أن "الدمار مصطلح دقيق" لوصف ما حدث للمواقع النووية.
إسرائيل تُظهر أوراقها
في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، أمس الأحد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضوح إن "تغيير النظام في إيران قد يكون نتيجة حتمية"، للعملية العسكرية الجارية، وأضاف أن النظام الإيراني "ضعيف للغاية" ولا يستطيع البقاء أمام هذه الضغوط المتزايدة.
تصريحات نتنياهو جاءت بالتوازي مع تصريحات متناقضة من الإدارة الأمريكية، إذ قال "ترامب" لاحقًا بأن خامنئي "هدف سهل" لكنه أضاف: "لن نقتله، على الأقل ليس في الوقت الحالي".
وحسب "معاريف"، فهذه الرسائل المزدوجة تعكس حالة من التردد الظاهري في واشنطن، يقابلها تصميم إسرائيلي واضح على استغلال الوضع لتحقيق ما تعتبره "فرصة تاريخية" لإسقاط النظام المعادي في طهران.
تحذيرات دولية
وحذّر إيكارت وورتز، رئيس المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية، حسب موقع "دويتشه فيله" من مغبة التفكير في تغيير النظام بالقوة، مشيرًا إلى أن ذلك يُعد انتهاكًا واضحًا للسيادة الوطنية بموجب القانون الدولي، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما يؤدي إلى فراغات سلطوية، اضطرابات وفشل طويل الأمد، وأنه لا يمكن إنجازه عبر الضربات الجوية فقط.
وقال "وورتز": "لا أرى أي حركة تمرد قوية داخل إيران يمكنها إسقاط النظام، وتغيير الأنظمة بالقصف وحده لم يحدث في التاريخ الحديث، ولن تكون إيران الاستثناء".
وأشار إلى أن تغيير النظام في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية تطلب اجتياحًا بريًا وانتقالًا سياسيًا طويلًا مدعومًا من الداخل والخارج.
وحسب "دويتشه فيله"، فكل المعطيات على الأرض تُشير إلى تحوّل تدريجي في أهداف التحالف الأمريكي-الإسرائيلي من ردع البرنامج النووي الإيراني إلى تفكيك أركان النظام، ومع كل ضربة، وكل تصريح، يزداد الاقتناع بأن السيناريو اليمني أو الليبي بات ممكنًا، إن لم يكن مطروحًا فعليًا على طاولة ترامب ونتنياهو.