الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خيار "القنبلة القذرة" مطروح.. العالم يترقب الانتقام الإيراني ضد أمريكا وإسرائيل

  • مشاركة :
post-title
العالم يترقب الانتقام الإيراني ضد أمريكا وإسرائيل

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

بعد الضربة الأمريكية لمنشآت إيرانية نووية، هناك محاولات تجري على قدم وساق لتشكيل مستقبل جديد للشرق الأوسط، ومع كل دقيقة تمر، تتقلص المسافة بين الحرب الشاملة واحتمالات الانفراج، ورصد معهد "تشاتام هاوس" البريطاني تطورات المشهد ما بعد الضربة الأمريكية، متناولًا تداعياتها على إيران، وإسرائيل، والإدارة الأمريكية نفسها، في ظل احتمالات مفتوحة على كل السيناريوهات.

الضربة الأقوى

شنّت الولايات المتحدة، فجر الأحد ضربات مركّزة على مواقع نووية إيرانية، أبرزها منشأة فوردو المحصّنة تحت الجبال، وفي خطابه، ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الموقع "دُمّر بالكامل"، غير أن مصادر استخباراتية، بحسب تقارير مراقبة جوية، أبدت شكوكًا في هذه المزاعم، إذ رُصدت تحركات لشاحنات قبل الهجوم، يُعتقد أنها نقلت كميات من اليورانيوم المخصب عالي النقاء إلى أماكن أكثر أمانًا.

وتشير المعلومات إلى أن إيران قد تمتلك ما يكفي من المواد لصنع ما يصل تسع قنابل نووية، علمًا بأن كمية اليورانيوم اللازمة لصنع قنبلة واحدة لا تتعدى حجم كرة بولينج.

ويُقدّر أن الهجوم ألحق أضرارًا كبيرة بأنظمة الطاقة وسلاسل الطرد المركزي داخل فوردو، لكن الخبراء يشككون في قدرة الضربات على تدمير مخزونات اليورانيوم المُخصب، والأخطر من ذلك، بحسب ما نقله وزير الخارجية الإيراني، أن "لا ضربة جوية يمكنها محو 20 عامًا من المعرفة النووية المتراكمة".

إسرائيل على الخط

ومن جانبها، قد تُمارس إسرائيل الآن ضغطًا إضافيًا على واشنطن للاستمرار في الحملة ضد إيران، إما لتدمير البرنامج النووي بالكامل، أو لدفع نحو تغيير النظام في طهران، وهو الهدف الذي يُقال إن حكومة بنيامين نتنياهو تسعى إليه سرًا.

ورغم التصريحات المطمئنة من وزير الدفاع بيت هيجسيث، بأن واشنطن "لا تسعى لتغيير النظام"، وتأكيد نائب الرئيس "فانس"، أن "أمريكا ليست في حالة حرب مع إيران"، إلا أن ترامب نفسه غرد على منصة "تروث سوشيال" متسائلًا: "إذا لم يكن النظام قادرًا على جعل إيران عظيمة مجددًا، فلماذا لا نُغيّره؟".

هذا التناقض الواضح بين الخطاب السياسي والمؤسسة التنفيذية يُنذر باحتمال انزلاق غير محسوب نحو مزيد من التصعيد، خاصة إذا سعت إسرائيل لاستغلال الضربات الحالية لتمرير أجندتها الأوسع.

الحسابات الإيرانية

وفقًا لتقرير "تشاتام هاوس"، التقى دبلوماسيون من بعض الدول الغربية، ممثلين إيرانيين في تركيا، أول أمس السبت، وحثّوهم على العودة إلى طاولة المفاوضات، ومع أن المطلب الأمريكي بتفكيك كامل لبرنامج التخصيب لا يزال يُشكل عقبة أمام التقدم، فإن حوافز طهران للتفاوض زادت بشكل ملموس بعد الضربات الأخيرة.

في المقابل، فإن خيارات إيران الانتقامية محدودة وخطيرة تكمن بين ضرب أهداف أمريكية في الخليج، وهو خيار قد يُشعل فتيل الردود الانتقامية ويُعرض النظام الإيراني نفسه لخطر السقوط، وتصعيد الهجمات على إسرائيل، واللجوء إلى "القنبلة القذرة"، وهو جهاز مشع بدائي لا يُحدث دمارًا كبيرًا لكنه يُثير ذعرًا واسعًا.

ويختم تقرير المعهد البريطاني هذا المحور بالتحذير من أن أي خطوة إيرانية غير محسوبة قد تُسرّع في انهيار النظام بدلًا من أن تعيد توازنه.

ترامب على مفترق طرق

رغم أن الضربات الجوية تُعدّ نجاحًا تكتيكيًا لإدارة ترامب، فإن صنّاع القرار في واشنطن يدركون - كما يؤكد التقرير- أن الرهان على تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل من الجو غير واقعي، وأن كل ضربة جديدة قد تُثير رد فعل أكثر عدوانية من نظام يكافح من أجل بقائه.

وإن التحدي الأكبر لترامب الآن هل يستثمر في هذه الضربة لكسب اتفاق نووي أكثر صرامة أم يندفع وراء دعوات "النظام البديل" ويخسر التوازن الاستراتيجي؟

وتوصي الورقة التحليلية الصادرة عن "تشاتام هاوس" بضرورة تبنّي مسار مزدوج يجمع بين الردع العسكري والانفتاح السياسي، وتجنّب الانجرار خلف أجندات إقليمية خارج نطاق المصلحة الأمريكية المباشرة، والعمل على إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات ضمن إطار واقعي لا يُشعرها بالإذلال السياسي.