الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أكبر خطأ لترامب.. كيف تخسر أمريكا الحرب مع إيران؟

  • مشاركة :
post-title
ترامب وخامنئي

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في الوقت الذي استعرض فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نجاح الضربات الجوية التي استهدفت قلب البرنامج النووي الإيراني، كان دخان الحرب يخفي معادلة أخطر بين أن تكون هذه الضربات بداية لانتصار محسوب أو بوابة لانزلاق أمريكي في مستنقع جديد.

وحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فإن هناك خريطة من الأخطاء الممكنة، والسيناريوهات البديلة التي قد تجعل ترامب يخسر الحرب التي بدأها.

الضربات الجوية

في إعلانه أول أمس السبت، أكد ترامب أن الولايات المتحدة قصفت عدة منشآت نووية إيرانية، وعلى رأسها فوردو، معلنًا أن هدف العملية "تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم"، هذه الضربات تكمّل ما قامت به إسرائيل سابقًا من تدمير مواقع أقل تحصينًا واغتيال قيادات عسكرية وعلماء نوويين.

لكن بحسب "فورين بوليسي"، فإن هذه النجاحات الميدانية قد تكون قاصرة عن تحقيق تغيير استراتيجي فعلي، ما لم يتم التأكد من تعطيل البرنامج النووي الإيراني بالكامل، بما في ذلك مكوناته السرية، وهو ما قد يتطلب المزيد من الضربات، والمزيد من المخاطر.

خطأ الطموح الزائد

تُحذر المجلة الأمريكية من أن أكبر خطأ قد يرتكبه ترامب الآن هو التحوّل من تدمير البنية النووية إلى محاولة إسقاط النظام الإيراني، وهو هدف يلمح إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكنه لا يحظى حتى الآن بدعم واضح من ترامب.

رغم أن سقوط النظام الإيراني قد يبدو خبرًا سعيدًا نظريًا لبعض الدول، لكن الواقع وفق المجلة يظهر أن تغيير النظام دون بديل ديمقراطي جاهز سيؤدي على الأرجح إلى فوضى أو إلى ديكتاتورية عسكرية جديدة، كما حدث في العراق بعد صدام حسين وليبيا بعد معمر القذافي.

المعارضة الإيرانية، كما تشير المجلة، ضعيفة ومنقسمة، ولا تملك أدوات الحكم أو الدعم الشعبي الكافي، فيما يبقى تدخل الولايات المتحدة لإعادة بناء النظام الجديد سيناريو مكلفًا وفاشلًا غالبًا.

غموض في الرد الإيراني

المجهول الأكبر في هذه المعادلة كيفية رد إيران، فإيران تدرك تفوق الولايات المتحدة وإسرائيل عسكريًا، وقد تميل إلى التراجع المؤقت أو السعي إلى اتفاق، لكنها - كما ترى المجلة - قد تقع في فخ سوء التقدير والانتقام الأحمق، كما ألمح المرشد الإيراني علي خامنئي، حين حذّر من "ضرر لا يمكن إصلاحه".

وسابقًا، وبعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عام 2020، أطلقت إيران وأذرعها صواريخ على قواعد أمريكية في العراق، والآن، ومع قصف مباشر للأراضي الإيرانية، قد تتعرّض القوات الأمريكية في العراق وسوريا، أو حتى في الخليج، لهجمات صاروخية أكثر خطورة.

وتُذكّر المجلة بأن ميليشيات إيران قد تُلبّي نداء طهران في الوقت المناسب، سواء بتنفيذ هجمات محدودة على قواعد أمريكية في المنطقة أو عمليات نوعية خارج الشرق الأوسط.

ولأن إيران تعي أنها لا تستطيع الانتصار في حرب تقليدية، فإن العمليات المنفردة تمثّل أداة الردع الوحيدة المتبقية لها، حتى ولو أدّى إلى ردّ عنيف.

الشبح النووي

تكمن أكبر خسارة استراتيجية لترامب ليس في الحرب الحالية، بل في ما قد تفعله إيران بعد الحرب، فكما حدث بعد تدمير المفاعل العراقي في 1981، قد تستنتج طهران أن الخطأ لم يكن في تطوير برنامج نووي بل التباطؤ فيه.

وتشير المجلة إلى أن إيران قد تُخفي برنامجًا سريًا، وتعمل على تسليحه بعيدًا عن أعين أجهزة الاستخبارات، خاصة إذا تلقت دعمًا تقنيًا متقدمًا من روسيا أو الصين، وإذا ما تغيّرت السياسات في البيت الأبيض أو في إسرائيل، فقد تُفلت طهران من الرقابة بسهولة أكبر.

وحين قال ترامب: "حان وقت السلام!"، ترى "فورين بوليسي"، أن أي اتفاق مع إيران يجب أن يتجاوز مجرد وقف التخصيب النووي، ليشمل آلية رقابة صارمة وطويلة الأجل، وعقوبات تلقائية لأي خرق، ومشاركة الحلفاء الإقليميين في صياغته وتنفيذه، خصوصًا دول الخليج المتضررة من التهديدات الإيرانية.

وتُظهر الضربات الجوية القوة، لكنها لا تُحقق النصر وحدها، وإذا كان ترامب يُريد فعلًا إنهاء الخطر النووي الإيراني، فعليه أن يتوازن بين الحذر والانتهازية، بين الحسم والاستيعاب، وألا يفتح أبواب جهنم بمطاردة فوضى لا يمكن ضبطها، وحسب المجلة الأمريكية، فإن الهدف يجب أن يكون واضحًا هو ردع إيران لا إسقاطها، وتفكيك خطرها النووي لا الانزلاق في تغيير أنظمة فاشلة أخرى.