الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"منتدى قطع الرؤوس".. كيف خططت إسرائيل للاغتيالات الإيرانية قبل 13 عاما؟

  • مشاركة :
post-title
إسرائيل صنفت اغتيالات علماء إيران كل حسب أهمية درجته العلمية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في الصراع بين إسرائيل وإيران، لم تكن القنابل هي الخيار الأول، بل كانت العقول أيضًا، ففي وقت بدا فيه أن مشروع طهران النووي يقترب من لحظة الحسم، اختارت تل أبيب سلاح القضاء على العلماء أنفسهم، ومن داخل غرف مغلقة في "منتدى قطع الرؤوس"، وُضعت أسماء العلماء الإيرانيين على طاولة التصفيات في خطة وصفتها صحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنها "أكثر العمليات الاستخبارية دقة وتعقيدًا في العقد الأخير".

القضاء على العقول

في مقابلة نشرتها "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، تحدث "يوثام" (اسم مستعار) لرئيس فرع الشأن النووي الإيراني في قسم الأبحاث بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية، عن الإستراتيجية الإسرائيلية التي استهدفت رأس المشروع العلمي للأسلحة النووية الإيرانية، وقال: "المعرفة هي العنصر الأهم في بناء قنبلة ذرية، ولذلك اخترنا العلماء الذين سيُسبب غيابهم أكبر ضرر، حتى لا نسمح للإيرانيين بصنع قنبلة".

منذ أواخر عام 2012، اجتمع نحو 20 ضابطًا في منتدى غير رسمي حمل اسم "منتدى قطع الرؤوس"، وهو الاسم الذي أطلقه مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي على فريق عسكري وأمني رفيع المستوى كُلّف بمهمة تصفية أبرز العقول النووية الإيرانية.

وبدأ التخطيط العملي في نهاية عام 2022 تحت الاسم الرمزي "نارنيا"، وجرى إعداد قوائم العلماء المستهدفين، وتحليل أهمية كل منهم، ومقدار تأثير غيابه عن مشروع الأسلحة الإيراني.

يوثام، إلى جانب قادة بارزين في شعبة الاستخبارات، زعموا أن إيران تجاوزت بالفعل عتبة التخصيب، ما يستوجب الانتقال إلى استهداف "المرحلة الحاسمة" في صناعة القنبلة وهم العلماء.

تصنيف العلماء

كانت اجتماعات المنتدى بمثابة محاكم سرية للعلماء الإيرانيين، يُقرر فيها من يُصنّف في المستوى أ (الأكثر أهمية)، ومن يُنزل إلى الفئات ب أو ج أو د، ويشرح يوثام: "تخيلوا غرفةً فيها عدد من الضباط، يراجعون ملفات شخصية لكل عالم، يتناقشون ويتجادلون، هل هو أساسي؟ هل يمكن استبداله؟ كم من الوقت سيستغرق الإيرانيون لتعويضه؟"، وأضاف: "كل هجوم له ثمن، لسنا متساهلين".

ويعود تاريخ التصفيات إلى مطلع العقد الماضي، حين شرعت إسرائيل في استهداف أفراد "مجموعة الأسلحة" التي شكَّلت النواة العسكرية غير القانونية للمشروع النووي الإيراني، وقُتل قائدها محسن فخري زاده، في عام 2020 في عملية وُصفت بأنها من الأكثر تعقيدًا، واستُخدم روبوت قاتل في عملية اغتياله.

إضعاف إيران

بحسب "يديعوت أحرنوت"، جاءت الدفعة الأخيرة من الاغتيالات في يناير الماضي، نتيجة سلسلة من التحولات الجيوسياسية والعسكرية بدءًا من نجاح الهجمات الإسرائيلية ضد حزب الله، وتدمير نظام الدفاع الجوي الإيراني في أكتوبر، ثم انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر وتفكيك جيشه، وهو تسلسل منح إسرائيل إحساسًا نادرًا بأن إيران أصبحت في أضعف حالاتها، وهو ما اعتبره المسؤولون العسكريون "فرصة العمر" لتنفيذ ضربة إستراتيجية ضد القدرات النووية الإيرانية دون مواجهة ردّ منسق متعدد الجبهات.

يوضح يوثام أن الهدف لم يكن فقط القضاء على علماء بعينهم، بل التسبب في تأخير إستراتيجي طويل المدى في تطوير القنبلة، "كلما كانت معرفة الشخص المستهدف أوسع وأكثر تخصصًا، كان من الصعب إيجاد بديل له، وكان التأثير أطول"، على حد وصفه.

اغتيالات بقرار مركزي

تشير الصحيفة إلى أن العملية جاءت نتيجة تنسيق بين شعبة الاستخبارات العسكرية والوحدة 8200، وجهاز الموساد وقسم العمليات، وكلها أجمعت على ضرورة تفعيل سيناريو "قطع الرأس" في ظل الفراغ الأمني الذي تعانيه إيران بعد الضربات المتلاحقة.

رغم أن البرنامج النووي الإيراني لا يزال نشطًا، فإن إسرائيل، بحسب التقرير، ترى في اغتيال العلماء خطوة مؤجِلة للكارثة، ووسيلة لإبطاء مسار القنبلة، وبينما تستمر طهران في تعهّدها بالرد، يبدو أن "منتدى قطع الرؤوس" لم ينتهِ من قائمته بعد.