فُجِّرت قنبلة داخل الأوساط الحاخامية الأوروبية، تصدرها حاخام بارز بعد رفضه الصلاة من أجل المحتجزين الإسرائيليين في غزة بدعوة "أنهم يساريون"، وهو تصريح كُشف عنه عبر تسجيل صوتي مسرّب، لا يزال يثير موجة من الغضب والانتقاد الحاد، ليس فقط بين الجمهور الإسرائيلي، بل داخل المؤسسة الحاخامية الأوروبية ذاتها، ما ينعكس على صورة القيادة الدينية اليهودية في أوروبا وإسرائيل.
تسريب يهز الحاخامية الأوروبية
كشفت الإذاعة الإسرائيلية "خان موريشت"، ضمن برنامج "مندي بيتان"، عن تسجيل صوتي يُسمع فيه الحاخام جيريمياه كوهين، عضو رئاسة المركز الحاخامي الأوروبي (RCE) ورئيس المحكمة الحاخامية في باريس، وهو يرفض الصلاة من أجل المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.
وقال "كوهين" بلهجة قاسية: "إذا كانوا من كابلان، فلن أدعو لهم، هل رقصوا في نوفا؟ إنهم يستحقون ما يستحقونه، هناك عدالة وهناك قاضٍ"، وأشار الحاخام، في نفس التسجيل، إلى أن المزامير التي قُرئت خلال مؤتمر المركز الحاخامي في بولندا كانت موجهة "للجنود فقط، لا للمحتجزين"، مضيفًا: "في اللد، في مطار بن جوريون، انظروا إلى الصور، جميعهم يساريون، دمروا البلاد، أكرههم".
رد الحاخام كوهين
في حديث لموقع Y.net العبري، لم ينكر الحاخام كوهين صحة التسجيل، بل قال: "إذا كان هناك تسجيل، فلا أستطيع إنكاره، لكنه كان في الرابعة فجرًا، وتحدثتُ إلى شخصٍ دون أن أعلم أنه يُسجل، عبّرت عن رأيي الشخصي سرًا، ولم أصرح به علنًا في أي مكان".
وأوضح الحاخام أنه يصلي يوميًا من أجل الجنود الإسرائيليين قائلًا: "أنا كاهن، وأدعو لهم طوال الوقت، أفكر في الجنود الذين يقاتلون من أجلنا بشجاعة.. أما المحتجزين، فمعظمهم ساهموا في ما نحن فيه من فوضى".
وتابع مؤكدًا تمسكه بموقفه: "لا أعتقد أنه يجب عليّ التراجع عنه".
غضب حاخامات أوروبا
في أعقاب النشر، أصدر الحاخام بنحاس جولدشميت، رئيس مؤتمر حاخامات أوروبا (CER)، بيانًا شديد اللهجة، اعتبر فيه تصريحات كوهين "خطيرة للغاية"، قائلًا: "كلامه لا يمثل يهود أوروبا ولا قيم الدين اليهودي، إن رفضه الصلاة للمحتجزين بسبب آرائهم السياسية يُخالف تمامًا تقاليد اليهودية".
وأضاف جولدشميت: "إن هذا النوع من الخطاب لا يُغذي إلا العداء ضد الشعب اليهودي، من الداخل والخارج، أدعو الحاخام كوهين إلى التراجع عن كلامه فورًا، وأتوقع من المركز الحاخامي الأوروبي أن يتنصل منه بشكل قاطع".
على الرغم من الجدل الحاد، اختار المركز الحاخامي الأوروبي (RCE)، الذي ينتمي إليه كوهين، عدم إدانة التصريحات، وفي بيان مقتضب، قال الرئيس التنفيذي للمركز، الحاخام أرييه جولدبرج، إن "التسجيل تم خلال محادثة مغلقة"، مؤكدًا أن المركز "لا يتدخل في الآراء الشخصية".
وعند سؤاله عن موقف المركز من تصريحات قد تتعارض مع المبادئ الدينية الأساسية، امتنع جولدبرج عن الإجابة، ما فُسّر على نطاق واسع بأنه تواطؤ بالصمت، حسب "يديعوت أحرونوت".
موجة غضب في إسرائيل
يُشار إلى أن مؤتمر حاخامات أوروبا (CER)، الذي يرأسه الحاخام جولدشميت، هو الهيئة الأرثوذكسية الرسمية التي تمثل اليهود الأرثوذكس في أوروبا، وتتعاون مع الحكومات والمؤسسات الدولية، بينما يُعدّ المركز الحاخامي الأوروبي (RCE)، الذي يتبع له كوهين، أقرب إلى حركة حاباد، دون أن يكون فرعًا رسميًا منها.
واللافت أن الحاخام كوهين نفسه يُقيم حاليًا في إسرائيل، رغم احتفاظه بعضوية في رئاسة المركز الحاخامي الأوروبي.
وأثارت هذه الحادثة موجة من الغضب في الأوساط اليهودية داخل إسرائيل وخارجها، إذ اعتُبرت التصريحات بمثابة "ضرب لقيم الوحدة اليهودية"، ويؤكد محللون دينيون واجتماعيون، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، أن هذه الواقعة تُسلّط الضوء على الاستقطاب الحاد داخل المجتمع الإسرائيلي، حتى في أشد لحظات المصير المشترك، مثل اختطاف مدنيين إسرائيليين.