وثّق موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي، الطبيعة الممنهجة للحرب الإسرائيلية على غزة، والتي لا تستهدف قتل النساء والأطفال فحسب، ولكن أيضًا محو المستقبل الفلسطيني ككل.
ونقل الموقع الأمريكي مشهدًا يلخص هذه المأساة، توسلت فيه أم فلسطينية الأطباء قائلة: "أرجوكم، لا تضعوه في الثلاجة.. إنه لا يتحمل البرد"، وهي تتحدث عن طفلها عمر البالغ عامين الذي استشهد في غارة على خان يونس، جنوبي القطاع.
أرقام مفزعة
الأرقام صادمة التي رصدها تؤكد الاستهداف المباشر للنساء والأطفال، فوفقًا لوزارة الصحة في غزة استشهدت أكثر من 20 ألف امرأة فلسطينية و15 ألف طفل منذ أكتوبر 2023، وتشير الإحصائيات إلى استشهاد 37 أمًا و30 طفلًا يوميًا على مدى 19 شهرًا.
الأكثر إيلامًا ما كشفته وثيقة وزارة الصحة في غزة المكونة من 1516 صفحة، والتي خصصت أول 27 صفحة منها لأسماء أطفال لم يبلغوا عامًا واحدًا، بحسب تقرير الموقع.
وفي الضفة الغربية، قتلت القوات الإسرائيلية 111 طفلًا فلسطينيًا في عام 2023 وحده، وفقًا لتقارير دولية وثقت أيضًا تعذيب الأطفال في السجون الإسرائيلية.
تدمير الرعاية الصحية
أيضًا، وثَّق الموقع الأمريكي تدميرًا شاملًا لمنظومة الرعاية الصحية النسائية، شملت أجنحة الولادة ورعاية حديثي الولادة، إلى جانب قصف أكبر مركز للخصوبة في غزة الذي احتوى على 3 آلاف جنين.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" بارتفاع حالات الإجهاض بنسبة 300%، فيما توفي 8 رضع بسبب البرد في يناير الماضي.
من أصل 36 مستشفى في غزة، لا يعمل سوى 17 مستشفى بشكل جزئي حتى ديسمبر 2024، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي أكدت أن 95% من النساء الحوامل والمرضعات في غزة يواجهن المجاعة.
وتواجه 50 ألف امرأة حامل حاليًا الولادة دون رعاية طبية، إذ تضطر النساء للولادة وسط الأنقاض دون تخدير، وفي حالات مأساوية يجري الأطباء عمليات استئصال الرحم لمنع العدوى، نظرًا لعدم توفر المضادات الحيوية.
شهادات من قلب المعاناة
نقل "ذا إنترسبت" شهادات مؤثرة، منها قصة دينا هاني العليوة التي كانت في شهرها التاسع عندما سقط الفوسفور الأبيض قرب ملجئها: "أخبرني الطبيب أن الطفل لا يتحرك، وأنه ميت بالفعل".
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، تعرضت نساء كثيرات لحالات إجهاض متأخرة بسبب الفوسفور والصدمات والجوع.
كما استعرض التقرير قصة هديل إسماعيل صبيحات، الحامل في شهرها الثامن التي تعيش على طبق أرز واحد يوميًا: "لا يوجد شيء للطفل، حتى الماء غير متوفر".
وفي مأساة أخرى، اختبأت الطفلة هند رجب ذات الـ6 سنوات لساعات بين جثث عائلتها بعد قصف سيارتهم في مدينة غزة، قبل أن تستشهد مع طاقم الإسعاف الذي حاول إنقاذها.
إبادة جماعية
وأكد "ذي إنترسبت" أن إسرائيل تنتهك بشكل صارخ اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية، خاصة المادة الثانية التي تعرّف الإبادة بأنها "فرض تدابير تهدف لمنع الولادات داخل الجماعة"، إضافة لانتهاك اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية الأمهات الحوامل، ووجدت لجنة أممية في مارس الماضي أن إسرائيل تستهدف البنية التحتية الصحية عمدًا.
وأشار الموقع إلى تصريح وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر الذي قال: "نحن ننفذ نكبة غزة.. نكبة غزة 2023"، مؤكدًا أن هذا التدمير مقصود ومخطط له.
ووفقًا للتقديرات، دُمِّر أكثر من 80% من البنية التحتية في غزة، مع تراكم 37 مليون طن من الأنقاض مكان البيوت والعيادات والمدارس، ما يجعل الحياة مستحيلة للفلسطينيين ويدفعهم للعيش والولادة ودفن أطفالهم في المساحة نفسها.