خطوة جديدة في أحدث فصول الحرب التجارية التي فرضها الرئيس الأمريكي، كانت كفيلة لإثارة مخاوف أوروبا وكندا، بعد أن وقع دونالد ترامب، مرسومًا برفع الرسوم الجمركية على الصلب والألومنيوم إلى 50%.
ودخل القرار، الذي وصفه الرئيس الجمهوري، بأنه من شأنه مساعدة المصنّعين المحليين وحماية الأمن القومي، حيز التنفيذ، اليوم الأربعاء، ، بحسب مجلة "تايم" الأمريكية.
يُؤجج قرار ترامب التوترات التجارية في وقتٍ تخوض فيه الولايات المتحدة مفاوضات مع العديد من شركائها التجاريين، بشأن ما يُسمى بالرسوم الجمركية "المتبادلة"، قبل الموعد النهائي 9 يوليو 2025.
حماية الأمن القومي
اعتبر ترامب هذه الخطوة، التي تدخل حيز التنفيذ صباح اليوم، ضرورية لحماية الأمن القومي، وستوفر زيادة الرسوم الجمركية المفروضة سابقًا دعمًا أكبر لهذه الصناعات، وستقلل أو تقضي على تهديد الأمن القومي، الذي تشكله واردات منتجات الصلب والألمنيوم ومشتقاتهما.
ويتزامن إعلان ترامب أيضًا مع الاتفاق الضخم بين شركة "يو إس ستيل" وشركة الصلب اليابانية "نيبون"، وهي الصفقة التي وعد ترامب بأنها لن تتضمن أي تسريح للعمال وأن شركة صناعة الصلب ستكون خاضعة لسيطرة الولايات المتحدة.
ويأتي تصعيد الرسوم الجمركية في وقت حرج، إذ أصبحت الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها ترامب غارقة في مشكلات قانونية على مستوى المحكمة، وتكافح العديد من الشركات الأمريكية للتعامل مع طبيعة الرسوم المتبادلة.
استثناء بريطانيا
ستبقى رسوم المعادن على الواردات من المملكة المتحدة عند معدلها السابق البالغ 25%، للسماح للدولتين بالعمل على فرض رسوم أو حصص جديدة بحلول الموعد النهائي 9 يوليو 2025، وفقًا للمرسوم.
ويعد ذلك الاستثناء في إطار العمل الذي توصلت إليه الدول، مايو الماضي، السعي لخفض الحواجز التجارية على الصلب، على الرغم من أن الجانبين لم يتفقا على مدى تخفيف الرسوم الجمركية على الصلب البريطاني، ولم يدخل الاتفاق حيز التنفيذ بعد.
معركة قانونية منتظرة
تقف قدرة الرئيس الأمريكي، على فرض رسوم جمركية من جانب واحد على أرضية قانونية أكثر هشاشة، بعد أن أسقطت محكمة اتحادية، الأسبوع الماضي، العديد من رسومه الجمركية الأخرى المفروضة بموجب قانون الطوارئ.
ولم تخضع الرسوم الجمركية التي فرضها على المعادن لهذا الحكم، وسعى ترامب إلى إظهار أنه لا يتراجع عن زيادة الرسوم الجمركية ومطالبة الدول بتقديم عروض على طاولة المفاوضات.
وتخوض إدارة ترامب معركة قانونية بشأن الجزء الأكبر من تعريفاتها الجمركية المفروضة بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، ولم تتأثر تعريفات الصلب والألومنيوم بهذه المعركة، لأنها فُرضت باستخدام سلطة مختلفة.
ترامب: "لن ينجو أحد"
وأعلن ترامب قراره في وقت سابق خلال تجمع حاشد داخل مصنع مون فالي ووركس-إرفين التابع لشركة يو إس ستيل بولاية بنسلفانيا، مُحاطًا بعمال الصلب: "سنرفع الرسوم الجمركية على الصلب الوارد إلى الولايات المتحدة الأمريكية من 25% إلى 50%، ما سيعزز صناعة الصلب في الولايات المتحدة"، مُبررًا ذلك بأن زيادة الرسوم ستدعم الصناعة المحلية في نهاية المطاف، ولن ينجو أحد من ذلك".
ونشر ترامب لاحقًا قراره على مواقع التواصل الاجتماعي، كاشفًا عن رفع الرسوم الجمركية على الألومنيوم أيضًا، وكتب على موقع "تروث سوشيال": "صناعات الصلب والألومنيوم لدينا تستعيد عافيتها بشكل غير مسبوق ستكون هذه صدمة أخرى كبيرة وخبرًا سارًا لعمال الصلب والألومنيوم الرائعين لدينا".
رد فعل رجال الصناعة والخبراء
وبدوره؛ قال فيليكس تينتيلنوت، أستاذ الاقتصاد في جامعة ديوك، إن الرسوم الجمركية المتصاعدة من شأنها أن تساعد صناعة الصلب المحلية، إلا أنها تتزامن مع الصراعات في صناعات أمريكية أخرى نتيجة لهذه الزيادة.
وتوقع "تينتلنوت" أن يؤدي هذا إلى ارتفاع سعر الألومنيوم، وهو عنصر أساسي في الصناعات التحويلية مثل صناعة السيارات، وكذلك قطاع البناء، لذا يُثير هذا الأمر نوعًا من التضارب في التوزيع.
وأضاف: "صحيح أن هذا يُفيد قطاع الصلب المحلي، لكنه يُلحق الضرر بقطاعات أخرى من الاقتصاد، وهي بالفعل مُتضررة بشدة من الرسوم الجمركية الأخرى".
تأثير على الوظائف في كندا
وقالت نقابة عمال الصلب المتحدة المعنية بجميع أنحاء أمريكا الشمالية في بيان، إن الزيادة سيكون لها تأثير سلبي على الصناعات والوظائف في كندا.
وأضاف مارتي وارن، المدير الوطني لاتحاد عمال الصلب المتحدين في كندا: "هذه ليست سياسة تجارية، بل هجوم مباشر على الصناعات والعمال الكنديين".
وتابع: "آلاف الوظائف الكندية مهددة، والمجتمعات التي تعتمد على الصلب والألمنيوم معرضة للخطر، على كندا أن تستجيب فورًا وبحزم لحماية العمال".
في هذه الأثناء، قالت بيا بروسكي، رئيسة مؤتمر العمل الكندي، إن خطة مضاعفة الرسوم الجمركية هجوم مباشر على العمال الكنديين وخطوة متهورة، وحذّرت من أنها قد تغلق سوق الصلب والألمنيوم الكندية بالكامل أمام السوق الأمريكية وتعرض آلاف الوظائف النقابية الجيدة للخطر.
وفي حديثه عن التعريفات الجمركية بشكل عام، قال رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الجمعة الماضي، إنه ينوي تسريع مشروعات البناء الوطنية في جميع أنحاء البلاد للرد على الحرب التجارية التي يشنها ترامب، لضمان أن تصبح الحكومة الكندية حافزًا وليس عائقًا لمشروعات بناء الأمة التي من شأنها تعزيز النمو في المجتمعات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة".
وقال وزير التجارة والسياحة الأسترالي دون فاريل، إن "اتهامات ترامب المزدوجة غير مبررة وليست من تصرفات الصديق".
تدابير مضادة
وأصدر الاتحاد الأوروبي، بيانًا صحفيًا، قال فيه إنه مستعد لفرض تدابير مضادة، بما في ذلك الرد على الزيادة الأخيرة في الرسوم الجمركية الأمريكية.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي، تعليقًا على خطة ترامب لمضاعفة الرسوم الجمركية: "يُفاقم هذا القرار حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، ويزيد التكاليف على المستهلكين والشركات على جانبي الأطلسي".
وأضاف: "إذا لم يتم التوصل إلى حل مقبول من الطرفين، فستدخل التدابير الحالية والإضافية للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ تلقائيًا 14 يوليو المقبل، أو قبل ذلك، إذا اقتضت الظروف ذلك".