الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

النداء الأخير.. البحار تستعد لابتلاع اليابسة بعد ذوبان الجليد

  • مشاركة :
post-title
تشير دراسة جديدة إلى أنه حتى لو حقق العالم أهدافه المناخية فقد لا يكون ذلك كافيا

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في سباق غير متكافئ بين ارتفاع درجات حرارة الجو وذوبان الجليد توصل العلماء إلى تشخيصٍ قاتم لمستقبل الأرض الساحلي، حيث لا يبدو أن تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية من الاحتباس الحراري سيكون كافيًا لإنقاذ الصفائح الجليدية من الذوبان ولا البشرية من تداعياته.

ومع كل طن يذوب من الجليد، تتقدم البحار نحو المدن والقرى، حاملة معها شبح هجرة جماعية ومحو جغرافي محتمل لشواطئ بأكملها، وحسب تقرير جديد، نشرته مجلة Communications Earth and Environment يضع العالم أمام لحظة مواجهة مع الحقيقة المُرّة.

الذوبان الجامح

أفادت شبكة "سي إن إن" بأن تقريرًا دوليًا شارك في تأليفه نخبة من علماء الجليد والمناخ، خلص إلى أن الصفائح الجليدية في كل من جرينلاند والقطب الجنوبي باتت معرضة للذوبان السريع، حتى لو التزم العالم بالحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الذي وضعته اتفاقية باريس للمناخ لتفادي أسوأ كوارث التغير المناخي.

الدراسة التي نُشرت يوم الثلاثاء في مجلة Communications Earth and Environment استندت إلى تحليل شامل جمع بين بيانات الأقمار الصناعية، ونماذج مناخية، وسجلات تاريخية من الرواسب البحرية، وعينات جليدية، وحتى الحمض النووي للأخطبوط. وبيّنت أن حرارة الأرض، التي ارتفعت حاليًا بمقدار 1.2 درجة مئوية، قد بدأت بالفعل في زعزعة استقرار الغطاء الجليدي.

البحار تبتلع اليابسة

يمثل ذوبان الصفائح الجليدية، بحسب التقرير، العامل الأبرز في ارتفاع منسوب مياه البحار، الذي تضاعف معدله السنوي خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وتفقد الأرض سنويًا حوالي 370 مليار طن من الجليد، وهي خسارة تُنذر بعواقب كارثية على السواحل.

قال كريس ستوكس، أحد مؤلفي الدراسة وعالم الجليد في جامعة دورهام: "حتى عند مستوى 1.5 درجة مئوية، لن نشهد تباطؤًا في ارتفاع مستوى سطح البحر، بل سنرى تسارعًا متزايدًا للغاية".

وفقًا للتقديرات، تحتوي الصفائح الجليدية في جرينلاند والقطب الجنوبي على كمية مياه كافية لرفع مستوى سطح البحر عالميًا بنحو 213 قدمًا، وهو سيناريو بعيد الاحتمال حاليًا، لكنه يُظهر مدى الخطر في حالة الانهيار الجليدي الكامل.

230 مليون شخص على خط المواجهة

تشير الدراسة إلى أن نحو 230 مليون إنسان يعيشون في مناطق لا تتجاوز مترًا واحدًا فوق مستوى سطح البحر، ما يجعلهم في صدارة المخاطر. ووفقًا لعالم الجليد في جامعة بريستول، جوناثان بامبر، فإن ارتفاع مستوى البحر بمعدل 0.4 بوصة سنويًا بحلول نهاية القرن، وهو سيناريو متوقع حاليًا، سيفرض هجرة برية "هائلة وغير مسبوقة منذ نشوء الحضارة الحديثة".

هذه التغيرات قد تؤدي إلى إعادة رسم الخرائط الجغرافية لسواحل العالم، والتسبب في موجات نزوح جماعي، وتحديات إنسانية واقتصادية تفوق قدرة المجتمعات والدول على التكيّف.

وتكمن المشكلة الأساسية، كما توضح الدراسة، في ضبابية "نقاط التحول"، أي الدرجة التي ستؤدي عندها الحرارة إلى تسارع غير قابل للعكس في ذوبان الجليد.

كانت النماذج السابقة تشير إلى أن الغطاء الجليدي في جرينلاند لن ينهار إلا عند ارتفاع حرارة الأرض بنحو 3 درجات مئوية، لكن التقديرات الجديدة تدق ناقوس الخطر: 1.5 درجة مئوية فقط قد تكون كافية.

وأوضح العلماء أن الوصول إلى نقطة انهيار واحدة فقط قد يكون كافيًا لتحريك سلسلة من ردود الفعل المناخية التي تخرج عن السيطرة، خاصة مع استمرار الاعتماد العالمي على الوقود الأحفوري.

معركة خاسرة

رغم هذا التشخيص القاتم، شدّد "ستوكس" على أن "الاستسلام ليس خيارًا"، قائلًا: "كل عُشر درجة مئوية يمكن أن يُحدث فرقًا. الحد من الاحتباس إلى 1.5 درجة مئوية لا يعني النجاح الكامل، لكنه أفضل من تجاوزها بكثير".

وأضاف أن السيناريو "الأفضل على الإطلاق" حاليًا هو أن يكون ارتفاع مستوى سطح البحر "بطيئًا ومستمرًا"، وهو ما يتطلب خفضًا جذريًا وفوريًا لانبعاثات الغازات الدفيئة، وتقليل الاعتماد على النفط والفحم والغاز.