لم يحتج النجم عادل إمام إلى دور معقد أو كوميدي صارخ، ولم يتوفر له دور ذو مساحة كبيرة لكي يعبر عن موهبته في بداية مشواره الفني، ويقطع تذكرة الذهاب إلى قلب الجمهور، بل اكتفى بجملة واحدة من 4 كلمات في دور دسوقي وكيل المحامين بمسرحية "أنا وهو وهي" الصادرة عام 1964، إذ تفاعل الجمهور مع مقولته "بلد بتاعة شهادات صحيح" لتتعالى الضحكات في قاعة المسرح، ويقف فؤاد المهندس بطل العمل المسرحي فخورًا باكتشافه الجديد الذي يقدمه إلى الفن المصري عامة والكوميديا بشكل خاص.
سبق هذا الدور ظهور أول لعادل إمام على المسرح من خلال العرض المسرحي "ثورة قرية" بطولة عزت العلايلي وصلاح قابيل، ليصعد على خشبة المسرح بجلباب فلاحي مجسدًا دور بائع متجول يقول مناديًا على بضاعته "حلاوة سمسمية بمليم الوقية"، ورغم بساطة الجملة وخلوها من أي لمحة كوميدية، إلا أن طريقة أداء النجم الذي يحل اليوم عيد ميلاده جعلت الجمهور يضحك في صالة العرض.
تصفيق الجمهور واستقباله للنجم الكوميدي الجديد، جعل فؤاد المهندس يضع ثقة أكبر فيه، ليضمه إلى العمل المسرحي التالي "أنا فين وأنتِ فين" بدور أكبر، بل إن اسمه جاء ثالثًا بعد المهندس وشويكار على الملصق الدعائي للمسرحية، إذ أدرك حجم موهبته، ووصفه في لقاء تلفزيوني قديم بـ"ابني البكر".
ليس فؤاد المهندس فقط من أدرك أن الكوميديا في مصر تستقبل فنانًا شابًا موهوبًا، بل إن العديد من صناع السينما وقتها، شعروا بمدى تجاوب الجمهور وترحيبهم بالموهبة الشابة، ليشارك في عدد من الأفلام السينمائية بأدوار مساعدة منها "مراتي مدير عام"، و"الراجل ده هيجنني"، و"عفريت مراتي"، وأيضًا "لصوص لكن ظرفاء" الذي حصل فيه على نصيب أكبر من الظهور، وشارك في بطولته النجم أحمد مظهر.
هذه الأدوار المساعدة في السينما ساعدت عادل إمام على الظهور الفني، لكنه كان يبحث دائمًا عن مساحة أكبر، وليس وحده فقط من كان ينتظر ذلك، بل العديد من النقاد والكتاب والمهتمين بصناعة السينما، ومنهم الكاتب محمود السعدني الذي وصفه في كتابه "المضحِكون" الصادر عام 1967 بأنه فنان نابغ وموهوب وعظيم، يحتاج إلى نوعية أخرى من الأدوار وأن يصعد إلى البطولة، فهو يمزج بين أداء نجوم بحجم توفيق الدقن وفؤاد المهندس وحسن يوسف وعبد المنعم إبراهيم.
ومع انطلاق عقد السبعينات، كان عادل إمام على موعد آخر مع التألق، إذ وضع الخطوة الأولى نحو البطولة المطلقة من خلال دور بهجت الأباصيري الطالب في المرحلة الثانوية الذي يرسب كثيرًا في مسرحية "مدرسة المشاغبين" عام 1971، إخراج جلال الشرقاوي، واللافت للنظر أن في هذه المسرحية التي رغم أنها بطولة جماعية ضمت سعيد صالح، وأحمد زكي، ويونس شلبي، وهادي الجيار، وسهير البابلي وغيرهم، إلا أن الدور الذي جسده عادل إمام هو لطالب يسيطر على أصدقائه أو بمعنى آخر زعيمًا عليهم، هذه الصفة التي التصقت بعادل إمام وأصبحت عقب ذلك لقبًا يوصف به،
سار إمام في طريق النجومية عقب نجاح العرض المسرحي "مدرسة المشاغبين"، وتميزت أعماله المسرحية ومنها "شاهد ماشفش حاجة"، و"الواد سيد الشغال"، و"الزعيم" بأنها تعيش مع الجمهور سنوات طويلة على خشبة المسرح، بينما في السينما وبعد وصوله إلى مرحلة امتلاك رفاهية الاختيار والصعود نحو البطولة المطلقة، تعمد أن يوازن في أعماله بين الكوميديا الصارخة، ومنها "عصابة حمادة وتوتو" والأعمال الجادة التي يقدم فيها مضمونًا ورسالة منها "اللعب مع الكبار".
هذا التنوع في مسيرة عادل إمام الفنية، ضمن له مكانة خاصة في صناع السينما وأيضًا المسرح، قبل أن يذهب إلى الدراما التلفزيونية في سنوات وجوده الفني الأخيرة، وحسبما يقول النجم الراحل نور الشريف، في تصريحات تلفزيونية سابقة، إن التوازن الذي فعله عادل إمام بين تقديم أعمال كوميدية وأخرى درامية هادفة، جعلت سعره في السوق مميزًا وحققت له الاستمرارية والنجومية سنوات طويلة.
وإضافة إلى إجادة اختيار أدواره وتنوعها، حرص عادل إمام على أن يتوفر لأعماله الفنية كل عناصر النجاح، الأمر الذي لفت الانتباه له النجم أحمد بدير، قائلًا في لقاء إذاعي عن مشاركته الزعيم في عدد من الأفلام السينمائية ومسلسل "أستاذ ورئيس قسم": في أي عمل مع عادل إمام أكون واثقًا تمامًا من أن كل شيء أريده سيتوفر بشكل مميز، فالمناخ العام كله يشجع على أن يخرج الممثل كل طاقته الفنية، خصوصًا أنه لا يقبل بالتنازلات".
امتلك عادل إمام موهبة أجاد إدارتها بذكاء فني مشهود له في الوسط الفني والنقدي، ما جعله نجمًا مميزًا في مصر والوطن العربي، وفنانًا لا ينتقص غيابه، بوجوده بأعمال فنية من جماهيريته الممتدة، لتكون تذكرة الذهاب التي قطعها إلى قلب الجمهور بلا عودة أو تراجع.