رئيس منحة التصوير الإنساني: مجانية لدعم الصورة الإنسانية واخترنا مصر لدورها بدعم القضية
المصور الفلسطيني محمد البابا: 215 يومًا من الجحيم في غزة... والصورة فضحت الرواية الإسرائيلية
لوحة طويلة منسدلة على الجدران، كُتب عليها 210 اسمًا لشهداء من المصورين الصحفيين الفلسطينيين، رحلوا وأيديهم لا تزال تقبض على الكاميرا، يحلمون بقضيتهم ويؤمنون بأن الصورة قادرة على أن تروي الحكاية، هذا المنظر تراه عينيك في واجهة حدث توثيقي للصورة الفلسطينية والذي احتضنته مصر ضمن فعاليات "أسبوع القاهرة للصورة"، عبر معرض يبعث شعور مؤلم وملهم في آن، وينقل معاناة الشعب الفلسطيني من عدسات شهدائه إلى أعين العالم، ليصبح لكل صورة ألف كلمة، وكل لقطة شهادة دامغة على ما يجري في قطاع غزة.
غزة توثق بعدسات أبنائها
معرض الصور الفلسطينية الذي أُقيم بمبادرة من منحة التصوير الإنساني، ومقرها الكويت، والتي يرأسها المصور الفوتوغرافي والوثائقي سامي الرميان، الذي قال في لقاء مع موقع "القاهرة الإخبارية": "نحن نقدم منحًا مالية على مستوى العالم في مجال التصوير الإنساني، واهتممنا أن يكون موضوعنا الأول عن غزة، حتى نساهم في توثيق الحياة الدائرة في ظل الحرب وتقديمها على شكل مجموعة من الصور الفوتوغرافية ومشروع فوتوغرافي يوثق هذا الأمر".
وأوضح الرميان أن المنحة غير هادفة للربح، وهدفها دعم الإنسانية من خلال الصورة، ومساعدة المصورين الفوتوغرافيين على مستوى العالم في مشروعات إنسانية، مشيرًا إلى أن الموضوعات تشمل مساعدة الإنسان المريض، والأيتام، والإغاثة، والفقراء، وغيرها.
وأضاف: "اخترنا أن يكون موضوعنا الأول عن غزة، ومن المعروف أن غزة مغلقة على أهلها، فكان المصورون المشاركون من داخلها، فاز معنا 10 مشروعات لعشرة مصورين، ووعدنا بأن نقدم كتابًا فوتوغرافيًا ونطبعه ويوزع في العالم، كما نقدم سلسلة من المعارض الفوتوغرافية، أولها كان في أمريكا ثم الإمارات بإمارة الشارقة، ثم في قطر، والرابع الآن في مصر".
وأوضح أن عدد المصورين الذين تقدموا للمشاركة بلغ 150 مصورًا، وتم فوز 10 مشروعات فوتوغرافية، واختيار 4 مشروعات من بينها تم عرضها في هذا المعرض بالقاهرة.
وعن خطة المنحة المستقبلية، قال: "كل عام نختار موضوعًا ونطرح الشروط لمشاركة المصورين حول العالم، ومشروعاتنا القادمة ستكون إنسانية وعالمية في موضوعات مختلفة. يمكن للمصورين متابعة تفاصيل موضوع غزة، والفكرة باختصار هي مساعدة المصورين لتوصيل صوتهم للعالم، ومن يتم اختياره يحصل على منحة مالية، المصور يمكنه أيضًا أن يشارك في أي مسابقة ويفوز، ولكن الهدف الأساسي هو تقديم الدعم وتمكينه من تنفيذ مشروعه".
وأكد الرميان أن مشاركتهم في "أسبوع القاهرة للصورة" جاءت بدعوة كريمة، وأن اختيار مصر نابع من مكانتها الاستراتيجية الملاصقة لفلسطين، ودورها في دعم غزة ومساندة الشعب الفلسطيني، مضيفًا: "وجودنا في مصر مهم حتى يرى الناس ما رآه المصورون بعدساتهم، فالصورة أقوى من الكلمات".
المصور الفلسطيني محمد البابا، أحد المشاركين في المعرض، تحدّث بشهادة حيّة عن تجربته في التغطية من داخل غزة، قائلاً لموقع "القاهرة الإخبارية": "عملت في غزة لمدة 215 يومًا حتى استطعت الخروج قبل غلق المعبر. أنا متواجد هنا في قسم الصور الفوتوغرافية عن قطاع غزة، وعندما دخلت المعرض فوجئت بأسماء الشهداء المصورين الصحفيين، والذين بلغ عددهم نحو 210 شهداء من الصحفيين، والتي سُطرت في مدخل هذا المعرض. هذه الأسماء توثق الإبادة الفلسطينية من الاحتلال في قطاع غزة".
وتابع البابا متأثرًا: "كل صورة موجودة هنا جعلتني أستذكر 215 يومًا من العمل وسط الحرب، بين أهلي وجيراني وأصدقائي، في وقت كان الاحتلال يمنع دخول الصحفيين الأجانب، مما جعل الهم والثقل كبيرًا. لم أشهد مثل هذه المعاناة على مدار 25 عامًا من العمل الصحفي. المصورون في قطاع غزة هم فرسان الصورة، يواصلون عملهم رغم الجوع والقتل والإبادة والاستهداف. إنها إبادة لم يشهد لها العالم مثيلًا، وأتمنى أن تكون هناك حلول سريعة لوقف هذه الإبادة القائمة في قطاع غزة".
وشدد البابا على أن الصورة استطاعت أن تعبّر عن جزء من الحقيقة، قائلًا: "الصورة بألف كلمة، والمصورون الصحفيون، سواء الدوليين أو على وسائل التواصل الاجتماعي أو المحليون، استطاعوا أن ينقلوا للعالم ما يحدث، رغم ما يعانونه من ظروف. إنهم يواجهون فوق التصور والخيال، واستطاعوا دحض الرواية الإسرائيلية المزيفة. كل ما خرج من صور وفيديوهات من الفلسطينيين أظهر حجم الإبادة".
وأكد البابا أنه شارك في 4 معارض دولية عقب خروجه من غزة، وقال: "الحضور الأجانب الذين زاروا هذه المعارض أعطوا نوعًا من الأمل، لأنه رغم أن الإبادة ليس لها إيجابيات، فإن الشعوب الأجنبية بدأت تعرف الحقيقة، وبدأت تعرف من هو المحتل والقاتل. ما يحدث هو نوع من التطهير العرقي بحسب المواثيق الدولية والأمم المتحدة، فهو قتل للمدنيين والأطفال".
بطل بلا درع
عن التحديات والصعوبات التي يواجهها الصحفيون في غزة، قال البابا: "كل قطاع غزة يعاني، سواء المسعف أو الممرض أو رجال الإسعاف أو الصحفيين، وفوق ذلك المواطنون. وعندما نتحدث عن الصحفيين، فهم جزء من هذه المعاناة. الصحفي يمشي على قدميه مسافات طويلة من أجل أن يغطي حدثًا واحدًا، دون أكل ولا إنترنت، ويكون نفسيًا مهزومًا ومصدومًا، بخلاف الاستهداف المباشر له".
وختم بقوله: "رغم كل ما يحدث، الصحفيون يواصلون عملهم في توثيق ما يجري في قطاع غزة، لأنهم يدركون أن الصورة أقوى من الرصاص، وأقرب للحقيقة من أي رواية".