تشير بيانات اقتصادية حديثة نشرتها وسائل إعلام أمريكية إلى أن الاقتصاد الصيني بدأ يشعر بوطأة الرسوم الجمركية الأمريكية الباهظة التي فرضها دونالد ترامب، مع تسجيل قطاع التصنيع أسوأ أداء له منذ أكثر من عام.
وأدى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 145% على السلع الصينية إلى اضطراب واضح في قطاع التصنيع الصيني، حيث ألغى العديد من المشترين الأمريكيين طلبياتهم وعلّقوا خططهم للتوسع، في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني تحديات إضافية كضعف الاستهلاك المحلي وأزمة القطاع العقاري المستمرة.
تحذيرات عالمية
رغم أن الاقتصاد الصيني سجّل نموًا بنسبة 5.4% في الربع الأول من 2024، إلا أن المحللين يرون أن هذا الزخم بات مهددًا. وقد خفّضت "كابيتال إيكونوميكس" توقعاتها للنمو الصيني إلى 3.5% فقط لعام 2025، في ظل استمرار التوترات التجارية وضعف الطلب الخارجي، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".
وحذّر صندوق النقد الدولي من أن الحرب التجارية المتصاعدة قد تضر بالاقتصاد العالمي بأكمله، مخفضًا توقعاته للنمو العالمي إلى 2.8% لهذا العام، بعد أن كانت التوقعات السابقة عند 3.3%.
ماذا قال الخبراء؟
تشاو تشينج هي، كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، أرجع الانكماش إلى "تغيرات حادة في البيئة الخارجية"، في إشارة واضحة إلى الحرب التجارية المتصاعدة. كما أظهرت البيانات أن مؤشر طلبيات التصدير الجديدة انخفض إلى 44.7 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ نهاية عام 2022، حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
أما روبن شينج، كبير الاقتصاديين الصينيين في "مورجان ستانلي"، فقال في مذكرة بحثية إن "الضغوط التجارية أدت إلى ضعف في الطلب الخارجي، ومن المرجّح أن تكون تأثيراتها في هذا الربع من العام هي الأشد"، مشيرًا إلى أن السياسات الحالية التي تركّز على جانب العرض "غير كافية لتعويض الصدمات التي تسببت بها التعريفات الجمركية".
زيتشون هوانج، من شركة "كابيتال إيكونوميكس"، حذّر من أن الانخفاض الحاد في مؤشرات مديري المشتريات "يعكس تأثيرًا معنويًا كبيرًا للرسوم الجمركية"، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الصيني بات تحت ضغط واضح، خاصة مع تراجع تفاؤل السوق وضعف الطلب الخارجي، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية.
أما خبراء بنك ANZ، فأشاروا إلى أن الشركات الصناعية الكبرى ستكون الأكثر تضررًا مقارنة بالشركات الأصغر، رغم استمرار تمتع الصين بميزة الكلفة المنخفضة في الصناعات الخفيفة. وأضافوا: "تكلفة التصنيع في الصين لا تزال أقل بخمس مرات منها في الولايات المتحدة، وهذا يمنحها هامشًا مهمًا للاستمرار، لكنه ليس كافيًا لامتصاص الصدمة الحالية".
لا تراجع أمام واشنطن
وفي مواجهة هذه التطورات، أكد مسؤولون صينيون استعدادهم لتسريع تنفيذ الحوافز الاقتصادية التي بدأت منذ أواخر العام الماضي، ومنها تسهيل الوصول إلى الائتمان وتعزيز الاستهلاك المحلي.
تشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، أكد في مؤتمر صحفي أن لدى بكين "احتياطيات سياسية كافية" وأنها ستسرّع من تنفيذ الإجراءات المتفق عليها، حسبما ذكرت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية.
من جانبه، رفض وزير الخارجية الصيني وانج يي دعوات للعودة إلى طاولة المفاوضات، مؤكدًا أن "الاسترضاء لن يؤدي إلا إلى تشجيع المتنمر"، في إشارة واضحة إلى واشنطن، وذلك في تصريحات لافتة خلال اجتماع في ريو دي جانيرو.