في ظل التحديات السياسية والإنسانية التي تعصف بفلسطين، تواصل السينما الفلسطينية شقّ طريقها إلى أبرز المنصات العالمية، لتصنع لنفسها مساحة خاصة وسط عمالقة الفن السابع. وفي الدورة الـ78 لمهرجان كان السينمائي، التي تنطلق في 13 مايو المقبل وتستمر حتى 24 من الشهر ذاته، يُسلَّط الضوء على معاناة غزة وصمود أهلها من خلال عدسة الكاميرا الفلسطينية، في حدث يمثل خطوة فنية وثقافية بالغة الأهمية.
رشيد مشهراوي: 10 أفلام من " المسافة صفر وأقرب"
أعلن المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عن مشاركة سلسلة أفلامه الوثائقية الجديدة "من المسافة صفر وأقرب" ضمن فعاليات مهرجان كان، في جناح مخصص للسينما الفلسطينية، ليشكّل منصة فنية فريدة تعبّر عن أصوات الغزيين وتجاربهم، وتنقل للعالم ملامح الوجع والأمل.
أكد مشهراوي لموقع "القاهرة الإخبارية" تتألف السلسلة من عشرة أفلام وثائقية طويلة، تم تصويرها في جنوب وشمال ووسط قطاع غزة، بمشاركة مجموعة من الشباب الفلسطينيين الموهوبين، وتبلغ مدة كل فيلم نحو ثلث إلى نصف ساعة. وتهدف هذه الأفلام إلى تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين اليومية ونقل رسالتهم إلى جمهور عالمي واسع.
وأضاف مشهراوي أن هذه السلسلة هي امتداد لمشروع سينمائي بدأ منذ عقود، قائلاً: "السينما جزء لا يتجزأ من حياتي، وبدايتي كانت من غزة"، مشيرًا إلى أنه قدّم العديد من الأفلام القصيرة، ونظّم مهرجانات سينما الطفل ومبادرات السينما المتنقلة، مستطردًا: "كنت من الصعب أن أقف مكتوف اليدين أمام الحرب والدمار الذي تعرضت له غزة، لقد عشت وعملت في ظروف قاسية خلال الانتفاضة الأولى والثانية، ولكن هذه الحرب الأخيرة كانت الأصعب في تاريخ فلسطين".
واعتبر أن سلسلة "من المسافة صفر وأقرب" ليست مجرد توثيق، بل شهادة حية على الصمود، وتعبير فني مقاوم يبرز قدرة السينما على المواجهة، وعلى حمل صوت الناس من تحت الأنقاض إلى أكبر مهرجانات العالم.
أفلام المهرجان
في المقابل، يواصل مهرجان كان الكشف عن دفعات من الأفلام المشاركة، وقد أُدرج مؤخرًا 16 فيلمًا إضافيًا في مختلف أقسام المهرجان، أبرزها المسابقة الرسمية، وقسم "نظرة ما"، و"كان بريميير"، والعروض الليلية والخاصة.
ففي المسابقة الرسمية، ينضم فيلم "Die, My Love" للمخرجة لين رامزي، وهو دراما نفسية قاتمة من بطولة جينيفر لورانس وروبرت باتينسون، إلى جانب فيلم "Woman and Child" للمخرج الإيراني سعيد روستائي، الذي يعود إلى كان بعد فيلمه "إخوة ليلى" الذي نافس عام 2022.
أما في قسم "نظرة ما"، فتشارك الممثلة والمخرجة كريستين ستيوارت لأول مرة كمخرجة بفيلمها "The Chronology of Water"، المستند إلى مذكرات ليديا يوكنافيتش، وتلعب دور البطولة إيموجين بوتس. كذلك يُعرض الفيلم البرتغالي "I Only Rest In The Storm" الذي يناقش قضايا الاستعمار والهوية في سرد طويل يتجاوز 3 ساعات ونصف.
تتوزع الأفلام الأخرى على أقسام متنوعة، إذ يشارك في "كان بريميير" فيلم "Magellan" للمخرج لاف دياز، فيما يتصدر قسم العروض الليلية فيلم الإثارة الكوميدي "Honey Don’t!" من إخراج إيثان كوين وبطولة مجموعة من النجوم منهم مارجريت كوالي وكريس إيفانز.
أما العروض الخاصة، فتضم الفيلم التحريكي "Arco" بصوت النجمة ناتالي بورتمان، إلى جانب فيلم "Little Amélie" المقتبس من رواية "شخصية المطر"، وفيلم "The Wonderers" في أول تجربة إخراجية للممثلة جوزفين جابي.
يُرسّخ مهرجان كان السينمائي مكانته كمنصة عالمية للاحتفاء بالفن، ولتكون السينما الفلسطينية هذا العام، لا مجرد مشاركة رمزية، بل صوتًا حيًّا يحمل معاناة غزة إلى العالم، ويؤكد أن الكاميرا قادرة على مقاومة النسيان، وتثبيت حضور الهوية الفلسطينية على الساحة الثقافية العالمية.