"إذا متُّ، أريد موتًا مدويًا، لا أريدني في خبر عاجل، أريد أثرًا يظل مدى الدهر، وصورًا خالدة لا يدفنها الزمان".. بهذه الكلمات رسمت المصورة الفلسطينية فاطمة حسونة ملامح مصيرها، قبل استشهادها في غزة، إثر غارة للاحتلال الإسرائيلي استهدفت منزلها، كما لو أنها كانت تكتب مشهد النهاية.
شاهدة على الألم
لم تكن "حسونة" مجرد مصوِّرة، بل كانت "عين غزة" التي أبصرت العالم من خلال عدسة اختارت أن تبقى قريبة من الجرح، شاهدة على الألم لا راوية من بعيد، فهي عاشت في قلب الحصار، وفي كل مرة التقطت فيها صورة، كانت تزرع شهادة حياة، وتُبقي الحكاية حية في وجه النسيان.
فاطمة، ابنة الـ25 عامًا، استُشهِدت في غارة لجيش الاحتلال استهدفت منزل عائلتها شمال قطاع غزة، لتغادر الدنيا مع تسعة من أقاربها، تاركة خلفها أرشيفًا من الصور التي تتنفس الصمود، وحكايات لم تُرو بعد.
حكايتها في مهرجان كان
خبر استشهاد فاطمة حسونة جاء بعد ساعات من إعلان مشاركة الفيلم الوثائقي "ضع روحك على يدك وامشِ" في مهرجان "كان" السينمائي الدولي، ضمن برنامج "أسيد"، وكانت هي البطلة، فالعمل يحكي رحلتها الشاقة ككل الغزيين في القطاع، ولكنها حققت بهذا حلمًا لها فكانت دائمًا تقول عبر حسابها على "فيسبوك": "مبسوطة إن لسة صوري قاعدة تلف كتير أماكن وبتتباع، ويمكن صوري تضل عايشة أكتر مني وهذا اللي مخليني مرتاحة".
رغم الحصار، وصلت صورها إلى العالم، من جريدة "ذا جارديان" البريطانية، إلى معارض دولية كـ "غزة حبيبتي" وغيرها.
كرست "فاطمة" حياتها ومعرفتها لتوثيق حياة الفلسطينيين في غزة، لا لحظات الموت فحسب، بل الحياة تحت الركام، والأمل في العيون المنهكة، والكرامة خلف الجدران المهدمة، فهي لم تكن فقط "عدسة" للتوثيق، بل حكاية خالدة مع الزمن.
مسيرة حافلة
ونعتها وزارة الثقافة الفلسطينية، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، قائلة: "ببالغ الحزن والأسى.. تنعى وزارة الثقافة الشهيدة الفنانة والكاتبة والمصورة فاطمة حسونة التي استهدف الاحتلال منزلها شمال قطاع غزة، لتستشهد مع عشرة من أفراد عائلتها".
وتابعت:" الشهيدة الراحلة لم تغادر الميدان منذ بداية الإبادة، ووثّقت المجازر بعدستها تحت القصف والنار، وحملت وجع الناس وصرخاتهم في صورها، وهي خريجة وسائط متعددة من الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وعملت مع العديد من المنصات الرقمية، لتوثيق القصص الإنسانية من غزة، ومع مؤسسة تامر كمُيسّرة كتابة، وعملت سابقًا مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني".