الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

توقعات بانسحاب المجر من "الجنائية".. نتنياهو وأوربان يتحديان العدالة الدولية

  • مشاركة :
post-title
رئيسا الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمجري فيكتور أوربان

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

لم يكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخشى السفر والتنقل بين دول العالم بثقة تامة، قبل الحرب على غزة، إلا أن الأوضاع تبدلت في الأشهر الأخيرة، إذ أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر الماضي على خلفية اتهامات بارتكاب جرائم حرب محتملة في غزة، ألقت بظلالها على تحركاته الخارجية، ليجد نفسه مضطرًا إلى إعادة رسم خريطة رحلاته الدبلوماسية، ومع ذلك، جاءت زيارته إلى بودابست كوجهة آمنة تحتضن أحد أقوى حلفائه، وهو رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.

أوربان ونتنياهو

منذ إعلان المحكمة الجنائية الدولية مذكرتها، أدان أوربان القرار بشدة، واصفًا إياه بأنه "وقح وساخر وغير مقبول على الإطلاق"، مؤكدًا على ضمان حرية صديقه الإسرائيلي متى شاء زيارته إلى المجر.

هذا الموقف يجعل المجر، من الناحية القانونية، في موقف معقد؛ إذ إن عدم تنفيذ مذكرة المحكمة الجنائية يعد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب نظام روما الأساسي. ورغم ذلك، فإن نتنياهو لا يبدو قلقًا من إمكانية اعتقاله عند وصوله إلى العاصمة المجرية.

قيود واحتياطات السفر

وبحسب "سي إن إن" فإنه يُعرف عن نتنياهو تجنبه للمخاطرة، وهو ما انعكس في رحلته إلى الولايات المتحدة في فبراير الماضي، حينما اختارت طائرته مسارًا أطول لتجنب أي احتمال للهبوط الاضطراري في دول خاضعة للمحكمة الجنائية الدولية، ويبلغ نتنياهو من العمر 75 عامًا، ويعاني من بعض المشاكل الصحية، ما يجعل التخطيط لسفره دقيقًا لضمان عدم وقوعه في مواقف غير محسوبة.

وتشمل زيارة نتنياهو إلى بودابست جولةً في متحف الهولوكوست، إضافة إلى اجتماعات سياسية مع كبار المسؤولين المجريين، وعلى رأسهم أوربان والرئيس المجري تاماس سوليوك، وذلك في وقت تسعى فيه إسرائيل إلى تعزيز تحالفاتها الدولية وسط التحديات التي تواجهها.

تحدي المحكمة الجنائية

بحسب يائير زيفان، المستشار السابق للسياسة الخارجية لدى زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، وفق "يديعوت أحرونوت" العبرية فإن زيارة نتنياهو إلى بودابست تعد فرصة لإثبات أنه لا يزال قادرًا على ممارسة مهامه كرئيس وزراء طبيعي، متحديًا في الوقت نفسه المحكمة الجنائية الدولية.

وعلى الرغم من انتقاد العديد من الإسرائيليين لمذكرة الاعتقال، إلا أن هناك انقسامًا حول مدى فائدة هذا التحالف مع أوربان، الذي يُعرف بمواقفه المناهضة لليبرالية والديمقراطية.

وفي إسرائيل، تتزايد الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو التي تُعد الأكثر يمينيةً في تاريخها، خاصة مع استمرار الحرب في غزة وتأثيرها على جهود إطلاق سراح المحتجزين، أما في المجر، فإن أوربان يواجه لأول مرة منذ أكثر من عقد معارضة جادة بقيادة بيتر ماجيار، وسط تصاعد السخط الشعبي حول قضايا التعليم والرعاية الصحية.

استغلال اللحظة السياسية

يرى مارتون جيرجيلي، محرر صحيفة "إتش في جي" المجرية المستقلة، أن أوربان يستفيد من زيارة نتنياهو لتعزيز صورته السياسية، كما فعل سابقاً عبر استضافة الرئيس الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، ومن خلال استقباله لنتنياهو رغم مذكرة الاعتقال، يرسل أوربان رسالة تحدٍ إلى المجتمع الدولي، ويعزز مكانته كقائد غير تقليدي.

وسيقضي نتنياهو وزوجته سارة إقامتهما في فندق فور سيزونز الفاخر المطل على نهر الدانوب، بتمويل كامل من الحكومة المجرية، بينما تُغطى تكاليف إقامة الوفد المرافق والأمن والرحلات الجوية من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين، وتأتي هذه الزيارة وسط محاولات لمنظمات مؤيدة للفلسطينيين للضغط على المجر لتنفيذ مذكرة الاعتقال.

انسحاب المجر من المحكمة

تشير "يديعوت أحرونوت" إلى أن المجر قد تعلن انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية خلال زيارة نتنياهو، خاصة بعد تصريحات أوربان التي أكدت عدم اعترافه بالمذكرة، مثل هذا القرار سيكون له تداعيات سياسية كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بعلاقات المجر مع الاتحاد الأوروبي.

وتمثل زيارة نتنياهو إلى بودابست اختباراً للعلاقات الدولية في ظل الضغوط القانونية والسياسية التي يواجهها، وبينما تمنحه هذه الزيارة فرصة لاستعراض نفوذه الدولي، فإنها تكشف أيضاً عن التحديات التي بات يواجهها في ظل القيود المفروضة عليه.