الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حل الاكتظاظ بالترحيل.. وزير العدل الفرنسي يعلن خطة جديدة لإدارة السجون

  • مشاركة :
post-title
قوات الأمن أمام أحد السجون الفرنسية - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أعلن وزير العدل الفرنسي، جيرالد دارمانان، عن خطة جديدة لمعالجة أزمة اكتظاظ السجون الفرنسية، من خلال "الترحيل المنهجي للأجانب الخارجين من السجن" ونقل السجناء الأجانب لإكمال عقوباتهم في بلدانهم الأصلية، إذ أكد الوزير في تصريحات نشرتها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الفرنسية، أنه أرسل تعليمات لضمان هذا الترحيل المنهجي والسماح للسجناء بإكمال مدة عقوبتهم في بلدانهم الأصلية.

الأرقام تكشف حجم الأزمة

كشف دارمانان أن فرنسا تعاني أزمة خانقة في نظامها العقابي، إذ "يوجد نحو 82 ألف سجين مقابل 62 ألف مكان فقط متاح في السجون"، وفقًا لشبكة "بي إف إم تي في" الفرنسية.

وأوضح أن "أكثر من 19 ألف سجين من بينهم أجانب، أي ما يعادل 24.5% من إجمالي نزلاء السجون الفرنسية".

وشدد الوزير على أن "إذا قضى هؤلاء الأجانب، أو حتى جزء منهم، عقوباتهم في بلدانهم، فلن نواجه بعد ذلك مشكلة الاكتظاظ، دون الحاجة إلى الإفراج عن من لا يجب الإفراج عنهم".

وأكد في تصريحات سابقة لإذاعة "سود راديو"، 13 مارس، أن ثلثي السجناء الأجانب ليسوا أوروبيين.

"مهمة خاصة" لتنفيذ الخطة

وجّه وزير العدل الفرنسي، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية "AFP"، تعليمات للمدعين العامين ومديري السجون لتحديد السجناء الأجانب "المؤهلين" للترحيل من الأراضي الفرنسية، بموجب تعميم صادر، الجمعة الماضي.

ولتنفيذ هذه الاستراتيجية، أعلن دارمانان "تشكيل مهمة خاصة مكلفة بمتابعة ملف الأجانب في السجون ضمن وزارة العدل".

وأوضح أن هذه المهمة "ستنسق قضية السجناء الأجانب"، من خلال "تعميم تحديد هوية السجناء فور دخولهم السجن" وتنظيم "مغادرة هؤلاء السجناء إلى بلدانهم الأصلية بشكل يومي".

وأعلن وزير العدل عزمه على "إعطاء تعليمات واضحة للنيابات العامة" لتطبيق سحب تصاريح الإقامة من الأجانب المحكوم عليهم بالسجن لمدة لا تقل عن 3 سنوات و"تسهيل ترحيل الأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني".

الإطار القانوني والتحديات الدولية

اعترف وزير العدل الفرنسي بأن "ترحيل الأجانب يُشكل دائمًا صعوبة"، لكنه أشار إلى وجود "لائحة أوروبية لا تطبقها فرنسا وتسمح للدول الأعضاء بنقل المواطنين المسجونين بشرط استعادة مواطنيها"، مؤكدًا عزمه على تطبيق هذه اللائحة.

وتجدر الإشارة إلى وجود قرار إطاري أوروبي مدمج في قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي، يسمح بنقل مواطني الدول الأوروبية لقضاء عقوباتهم في بلدانهم الأصلية، ما يوفر آلية قانونية فعّالة للتعامل مع السجناء الأوروبيين.

أما بالنسبة للسجناء من خارج أوروبا، فأشار الوزير إلى وجود "اتفاقيات تم التفاوض عليها بشكل سيئ"، مثل بعض الاتفاقيات التي تشترط موافقة السجين نفسه على نقله.

وأكد دارمانان عزمه على "بدء مناقشات" لتعديل هذه الاتفاقيات وإجراء محادثات لـ"تسهيل" عمليات الإفراج المشروط المقترن بالترحيل.

تحديات العلاقات الدبلوماسية

تطرق "دارمانان" إلى التحديات المرتبطة بالعلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول، مشيرًا إلى وجود توترات قد تعيق جهود ترحيل السجناء.

وذكر على سبيل المثال قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي يُحاكم هذه الأيام في الجزائر.

وأكد الوزير، الذي شغل سابقًا منصب وزير الداخلية: "أدعم وزير الداخلية بكل ثقلي السياسي. إنه شجاع ويواصل ما كنت قد بدأته بالفعل"، مشيرًا إلى أن "هذا التوجه ليس جديدًا بل استمرار لسياسات سابقة".

"سلاح ذو حدين"

رغم الحماس الرسمي للخطة، أبدى بعض ممثلي النقابات العمالية في قطاع السجون تحفظات، إذ يرى ويلفريد فونك، الأمين الوطني لنقابة Ufap Unsa Justice، أن هذه السياسة قد تكون "سلاحًا ذا حدين".

وأوضح فونك للشبكة الفرنسية: "لا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد المواطنين الفرنسيين المحتجزين في الخارج"، محذرًا من خطر استقبال عدد من السجناء الفرنسيين في المقابل، ما قد يقلل من فعالية الخطة في حل مشكلة الاكتظاظ.

وأشار إلى أن التعامل مع الدول غير الأوروبية يتطلب توقيع اتفاقيات ثنائية، "مع مراعاة الطعون المحتملة من جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان أو المحامين أو جمعيات السجناء"، خاصة فيما يتعلق بمسألة احترام حقوق الإنسان في بعض البلدان.

حلول عملية

تأتي هذه الخطوة وسط أزمة متفاقمة في نظام السجون الفرنسي، إذ بلغت نسبة الاكتظاظ مستويات قياسية، ويرى محللون أن توجه الحكومة الفرنسية نحو ترحيل السجناء الأجانب يجمع بين الحل العملي لأزمة السجون وبين الأبعاد السياسية، في ظل تصاعد الخطاب المتشدد تجاه قضايا الهجرة والأمن في أوروبا عمومًا وفرنسا خاصة، بحسب صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية.

ومع ذلك، تبقى التحديات العملية والقانونية والدبلوماسية كبيرة أمام تنفيذ هذه الخطة بشكل كامل، خاصة مع الدول التي تشهد توترًا في علاقاتها مع فرنسا، أو تلك التي تتطلب اتفاقياتها الحالية موافقة السجين نفسه على الترحيل.