أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلغاء حماية جهاز الخدمة السرية عن هانتر وآشلي بايدن، أبناء الرئيس السابق جو بايدن، "بأثر فوري"، رغم أنه كان قد مدد هذه الحماية لأبنائه البالغين بعد مغادرته البيت الأبيض في عام 2021، ويأتي هذا القرار المفاجئ في وقت تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وجوهانسبرج توترًا متصاعدًا، وسط تلميحات بأن رحلة هانتر بايدن إلى جنوب إفريقيا كانت عاملًا مؤثرًا في هذا القرار، وفقًا لما تشير إليه مجلة نيوزويك الأمريكية.
تفاصيل القرار وخلفياته
جاء قرار ترامب بعد أن سأله صحفي في وقت سابق من نفس اليوم عن ادعاء غير مؤكد، بأن هانتر بايدن سافر مؤخرًا إلى جنوب إفريقيا برفقة 18 عميلًا من الخدمة السرية.
وكانت صحيفة نيويورك بوست قد نشرت هذا الخبر، مستشهدة بالناشطة اليمينية المتشددة لورا لومر كمصدر للمعلومة.
وحسب ما نشرته مجلة نيوزويك، فإن ترامب أعلن قراره المفاجئ عبر منصة "تروث سوشيال" الخاصة به، قائلًا: "لقد حظي هانتر بايدن بحماية الخدمة السرية لفترة طويلة، وكل ذلك على حساب دافعي الضرائب الأمريكيين، هناك ما يصل إلى 18 شخصًا في فريق حمايته، وهو أمر سخيف! إنه يقضي إجازة حاليًا في جنوب إفريقيا، من كل الأماكن، حيث تم التشكيك بشدة في حقوق الإنسان هناك".
وأضاف ترامب في منشوره: "بسبب هذا، تم شطب جنوب إفريقيا من قائمة الدول التي تتلقى مساعدات اقتصادية ومالية منا. يرجى العلم أنه، اعتبارًا من الآن، لن يتلقى هانتر بايدن حماية الخدمة السرية بعد الآن. وبالمثل، ستتم إزالة آشلي بايدن التي لديها 13 عميلًا من القائمة".
حماية عائلات الرؤساء
من الجدير بالذكر أن حماية الخدمة السرية لأفراد عائلة الرئيس البالغين عادة ما تنتهي عندما يترك الرئيس منصبه، بينما يحصل القادة السابقون وزوجاتهم على حماية مدى الحياة، إلا أن جو بايدن قبل مغادرته المنصب في يناير الماضي، وقع أمرًا تنفيذيًا يمدد حماية الخدمة السرية لأبنائه البالغين حتى يوليو من هذا العام.
ومن المفارقات أن ترامب نفسه، قبل مغادرته المنصب في يناير 2021، قام بتمديد حماية الخدمة السرية لأبنائه البالغين "دونالد ترامب جونيور، وإيفانكا، وإريك، وتيفاني" واثنين من أزواجهم لمدة ستة أشهر بعد خروجه من البيت الأبيض، ما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا الأمن والحماية للعائلات الرئاسية، حسب المجلة الأمريكية.
أزمة العلاقات مع جنوب إفريقيا
تزامن قرار ترامب بإلغاء حماية أبناء بايدن مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، إذ روج ترامب مرارًا لادعاءات مفادها أن جنوب إفريقيا تسيء معاملة المزارعين البيض، وأنها معادية للبيض والأمريكيين.
وأصدر أمرًا تنفيذيًا الشهر الماضي يقطع التمويل الأمريكي عن جنوب إفريقيا، كما طردت إدارته الأسبوع الماضي سفير جنوب إفريقيا لدى الولايات المتحدة استنادًا إلى مقال من موقع بريتبارت اليميني.
وعند سؤال ترامب عن حماية الخدمة السرية لهانتر بايدن خلال زيارته لمركز جون إف كينيدي للفنون المسرحية في واشنطن العاصمة، أجاب: "حسنًا، لقد فعلنا ذلك مع كثيرين،" مُشيرًا إلى قرار إدارته بإلغاء تفاصيل الخدمة السرية للسياسيين الحاليين والسابقين ومسؤولي المخابرات الذين انتقدوا ترامب.
وأضاف: "جنوب إفريقيا، كما تعلم، موجودة على قائمة المراقبة... لأن ما يفعلونه بالناس هناك وحشي. وقد أوقفت إرسال الأموال إلى جنوب إفريقيا. أنت تعرف ذلك. مليارات الدولارات."
وردت حكومة جنوب إفريقيا على هذه الاتهامات قائلة إنها مبنية على معلومات مضللة.
ويرى محللون أن ربط قضية حماية هانتر بايدن بالعلاقات مع جنوب إفريقيا يشير إلى نهج متشدد في السياسة الخارجية الأمريكية تحت قيادة ترامب.
هدف مُتكرر للجمهوريين
تشير الصحيفة الأمريكية إلى أن هانتر بايدن يعتبر هدفًا متكررًا للجمهوريين الذين يزعمون أنه استفاد ماليًا من رئاسة والده.
ومن المثير للاهتمام أن الرئيس السابق جو بايدن قد أصدر عفوًا عن ابنه قبل مغادرته المنصب، متراجعًا بذلك عن تعهده السابق بعدم القيام بذلك.
وقد أثارت قضية هانتر بايدن جدلًا سياسيًا كبيرًا خلال السنوات الماضية، حيث جعلها الجمهوريون محورًا رئيسيًا في انتقاداتهم لإدارة الرئيس السابق جو بايدن، مما جعله هدفًا سهلًا للقرارات المتخذة في عهد ترامب.
ردود الفعل والإجراءات التنفيذية
صرح أنتوني جوجليلمي، رئيس الاتصالات بالخدمة السرية، في بيان له: "الوكالة على علم بقرار الرئيس بإنهاء الحماية لهانتر وآشلي بايدن، ستمتثل الخدمة السرية وتعمل بنشاط مع فرق الحماية والبيت الأبيض لضمان الامتثال في أقرب وقت ممكن".
وبحسب مصادر مطلعة أشارت للصحيفة، فقد بدأ الخدمة السرية بالفعل عملية سحب فرق الحماية الخاصة بهانتر وآشلي بايدن.
ويأتي هذا في وقت يثير فيه قرار ترامب تساؤلات حول مدى تسييس الأجهزة الأمنية الفيدرالية والتي من المفترض أن تعمل بحيادية بعيدًا عن التجاذبات السياسية.
تداعيات مُحتملة
أشار خبراء أمنيون للصحيفة الأمريكية إلى أن قرار سحب الحماية الأمنية عن أبناء الرئيس السابق بشكل مفاجئ، قد يشكل سابقة خطيرة في العلاقة بين الرؤساء والخدمة السرية، والتي عادة ما تتسم بالاستقلالية عن التوجهات السياسية للإدارة الحاكمة.
ويثير القرار تساؤلات حول الأخطار المحتملة التي قد يتعرض لها أبناء الرئيس السابق في ظل غياب الحماية الأمنية، خاصة مع استمرار الاستقطاب السياسي الحاد في الولايات المتحدة.