حذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، اليوم الاثنين، من أن السياسات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا سيما فرض الرسوم الجمركية، تساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي داخل الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويشكل تهديدًا خطيرًا للاستقرار الاقتصادي العالمي، خاصة في حال تصاعد التوترات التجارية.
وفي تقريرها الفصلي حول أداء الاقتصاد العالمي، خفّضت المنظمة، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، توقعاتها للنمو العالمي للعام الجاري والمقبل، مشيرةً إلى أن الولايات المتحدة وكندا والمكسيك من بين أكثر الاقتصادات المتأثرة بشكل حاد.
تحذيرات من ركود اقتصادي
يعد التقرير أحدث تقييم شامل من خبراء الاقتصاد العالمي بشأن التداعيات الاقتصادية لسياسات ترامب الجمركية على الولايات المتحدة وشركائها التجاريين. وأكدت المنظمة أن الأسواق الأمريكية أبدت مخاوفها منذ أسابيع، محذرةً من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى خنق الاقتصاد العالمي وإعادة إشعال التضخم في وقت حساس.
وأثارت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على مجموعة واسعة من الواردات ردود فعل انتقامية فورية من كبرى الدول الشريكة تجاريًا للولايات المتحدة، ما زاد من حالة عدم اليقين لدى الشركات، ودفعها إلى تجميد استثماراتها التي كان من شأنها دعم النمو الاقتصادي.
وأوضحت المنظمة أن المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم الناجمة عن زيادة الرسوم الجمركية أدت إلى تراجع ثقة المستهلكين وانخفاض معدلات الإنفاق، ما أثر سلبًا على الأداء الاقتصادي الأمريكي والعالمي.
توقعات قاتمة
وفقًا لتقديرات المنظمة، من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2.2% في عام 2025، ثم ينخفض أكثر إلى 1.6% في عام 2026، مقارنةً بمعدل 2.8% في عام 2024. وعلى المستوى العالمي، توقعت المنظمة أن ينمو الاقتصاد بنسبة 3.1% هذا العام و3% العام المقبل، مسجلًا انخفاضًا عن نسبة 3.2% التي سجلها في 2024.
أما التضخم في الولايات المتحدة، فمن المتوقع أن يصل إلى 2.8% في عام 2025، مقارنةً بـ 2.5% العام الماضي، وأن يواصل ارتفاعه إلى 2.6% في 2026، وهي توقعات أكثر تشاؤمًا من تقديرات التقرير الفصلي السابق الذي رجح أن يكون معدل التضخم 2.1% فقط هذا العام.
تداعيات على كندا والمكسيك
بينما تواجه الولايات المتحدة تباطؤًا اقتصاديًا، تشير التوقعات إلى أن كندا والمكسيك ستعانيان بشكل أكبر. فقد وعد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على هاتين الدولتين، وهما من بين أكبر شركاء أمريكا التجاريين، ما قد يدفع اقتصاديهما نحو الركود.
ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الكندي نموًا ضعيفًا بنسبة 0.7% فقط هذا العام والمقبل، مقارنةً بالتوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 2% في تقرير ديسمبر الماضي. أما المكسيك، فمن المنتظر أن ينكمش اقتصادها بنسبة 1.3% في 2025 و0.6% في 2026، وهو تراجع حاد عن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى تحقيق نمو بنسبة 1.2% في 2025 و1.6% في 2026.
الصين الأكثر تحصينًا
على الرغم من استهدافها المباشر بسياسات ترامب الجمركية، ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الصين ستكون أكثر قدرة على التكيف مقارنةً بكندا والمكسيك، مما قد يحدّ من تأثير هذه الإجراءات على اقتصادها.
ضغوط إضافية
من جهة أخرى، تواجه البنوك المركزية تحديات متزايدة نتيجة السياسات الجمركية الجديدة. وبينما خفّضت العديد من البنوك أسعار الفائدة سابقًا لدعم النمو بعد انحسار أزمة التضخم، حذرت المنظمة من أن عودة ارتفاع الأسعار بسبب الرسوم الجمركية قد تدفع البنوك إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول، ما قد يؤدي إلى تفاقم الضغوط الاقتصادية على الشركات والمستهلكين في السنوات المقبلة.
ويشير التقرير إلى أن تصاعد التوترات التجارية الناجم عن سياسات ترامب يهدد بتقويض الاستقرار الاقتصادي العالمي، وسط تباطؤ ملحوظ في النمو وتوقعات بارتفاع التضخم. وفي ظل هذه الظروف، تبقى الأسواق والمحللون في حالة ترقب لكيفية تعامل الاقتصادات الكبرى مع تداعيات هذه السياسات خلال الفترة المقبلة.