في مواجهة أطماع الرئيس الأمريكي بشأن جزيرتهم القطبية، صوّت سكان "جرينلاند" لصالح إجراء إصلاح شامل لحكومتها في نتيجة "صادمة"، حسب وصف صحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
وشهدت النتائج زيادة مقاعد حزب الديمقراطيين -من يمين الوسط- إلى أكثر من ثلاثة أمثالها، بعد حملة انتخابية مثيرة على خلفية تهديدات الرئيس الأمريكي بالاستحواذ على الجزيرة القطبية الشمالية.
وقد أدت الانتخابات التي جرت أمس الثلاثاء، وحلَّ فيها الديمقراطيون المعروفون باسم "ديموكراتيت"، محل حزب "إينويت أتاكاتيجيت" -وهو حزب رئيس الوزراء السابق موتي إيجيدي- كأكبر حزب في "إيناسيسارتوت" -البرلمان الجرينلاندي- إلى مضاعفة مقاعد حزب "ناليراك"، الأكثر انفتاحًا على التعاون مع الولايات المتحدة والذي يدعّم التصويت السريع على الاستقلال، ما يجعله ثاني أكبر حزب.
بينما يُفضِّل كل من الديمقراطيين و"ناليراك" الاستقلال عن الدنمارك، لكنهما يختلفان بشأن وتيرة التغيير، حيث يفضل "ناليراك" وتيرة أسرع من الديمقراطيين.
وحظيت الانتخابات بمتابعة دقيقة في الدنمارك، التي حكمت جرينلاند كمستعمرة حتى عام 1953، ولا تزال تُسيطر على سياستها الخارجية والأمنية إلى جانب جزر "فارو"، حيث تعتبر المنطقتان جزء من مملكة الدنمارك.
وقالت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، إن يوم الثلاثاء كان "يومًا سعيدًا واحتفالًا بالديمقراطية".
وأضافت: "أود أن أهنئ حزب ديموكراتيت على الانتخابات الناجحة. ستنتظر الحكومة الدنماركية نتائج المفاوضات التي ستُجرى الآن في جرينلاند. لكننا نتطلع إلى العمل مع حكومة جرينلاند المستقبلية".
نتائج مفاجئة
تشير "ذا جارديان" إلى أن النتيجة فاجأت الجميع، وبدت أشبه بزلزال في المشهد السياسي في جرينلاند، حتى زعيم الحزب الديمقراطي، ينس فريدريك نيلسن.
ولم يسبق للحزب أن حصد هذا العدد من المقاعد من قبل، فقد فاز هذه المرة بعشرة مقاعد، بزيادة سبعة مقاعد عن الانتخابات الأخيرة، وثلاثة مقاعد أكثر من رقمه القياسي السابق البالغ سبعة مقاعد في عام 2005.
ولم يُعتَبَر الحزب من اللاعبين الرئيسيين في البلد القطبي المتمع بالحكم الذاتي تحت مظلة الدنمارك، مع تركيز معظم الاهتمام على "إينويت أتاكاتيجيت"، و"ناليراك"، وكذلك "سيوموت" الشريك في الائتلاف الحاكم.
ورغم أن الديمقراطيين شاركوا في عدة ائتلافات، فإنهم لم يتولوا قيادة حكومة قط، كما هو متوقع منهم بعد محادثات الائتلاف.
وبينما يبلغ إجمالي عدد مقاعد البرلمان الجرينلاندي 31 مقعدًا، يحتاج البرلمان إلى 16 مقعدًا لتحقيق الأغلبية. وقد خسر حزب "إينويت أتاكاتيجيت" ما يقرب من نصف مقاعده، من 12 إلى 7، ليصبح ثالث أكبر حزب في الجزيرة.
وبعد فرز 90% من الأصوات، حصل الديمقراطيون على 29.9% من الأصوات، وهو تقدمٌ منقطع النظير؛ بينما بلغت حصة "ناليراك" 24.5%، وحصد حزب إيجيدي، الذي وصف حملته الانتخابية أمس الثلاثاء بأنها "مثقلة بالتوترات الجيوسياسية"، على نسبة 21.4% من الأصوات؛ وفقًا لهيئة الإذاعة والتلفزيون العامة في جرينلاند (KNR).
وفي ظل عدم فوز أي حزب بأغلبية المقاعد الـ31، سيتجه القادة السياسيون بعد ذلك إلى محادثات ائتلافية للتفاوض على تشكيل الحكومة المقبلة.
نحو الاستقلال
في الوقت الحالي، من المتوقع أن تضع الحكومة المستقبلية جدولًا زمنيًا للاستقلال، وهو ما تدعّمه أغلبية كبيرة من سكان جرينلاند البالغ عددهم 57 ألف نسمة.
وقد اكتسبت هذه الحركة الراسخة زخمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، بعد ما وصفته "ذا جارديان" بـ"سلسلة من الفضائح التي سلّطت الضوء على معاملة الدنمارك العنصرية لسكان جرينلاند"، بما في ذلك فضيحة تحديد النسل، حيث زُعم أن ما يصل إلى 4500 امرأة وفتاة زُوّدن بجهاز منع الحمل دون علمهن؛ وكذلك اختبارات "كفاءة الأبوة والأمومة" التي فصلت العديد من أطفال "الإنويت" -السكان الأصليين لجرينلاند- عن آبائهم.
وفي ظل الاهتمام العالمي الذي حفّزه إلى حد كبير ترامب، الذي قال للكونجرس الأسبوع الماضي إنه سيستحوذ على جرينلاند "بطريقة أو بأخرى" ووعد بإثراء سكان جرينلاند، قال مسؤولون انتخابيون إن نسبة المشاركة في انتخابات أمس الثلاثاء كانت أعلى من المعتاد.