تشهد جرينلاند جدلًا متصاعدًا حول استقلالها عن الدنمارك، مدفوعًا بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أعادت القضية إلى الواجهة، إذ دعا برلمان الجزيرة إلى انتخابات مبكرة تُعقد في 11 مارس استجابة لضغوط محلية ودولية متزايدة، فيما أعلن الحزب الحاكم " سيوموت" عن نيته في تسريع عملية الاستقلال، بما يشمل تفعيل المادة 21 من قانون الحكم الذاتي وإجراء استفتاء شعبي خلال الدورة البرلمانية المقبلة.
تأثير تصريحات ترامب
أوضحت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية أن اهتمام ترامب بالجزيرة، وتصريحاته حول رغبة الولايات المتحدة في السيطرة عليها، لعبا دورًا محوريًا في تحريك المشهد السياسي في جرينلاند، إذ إن زعيم الحزب الحاكم، إريك جنسن، صرح بأن هذه التدخلات دفعت الحكومة لإعادة النظر في أولوياتها السياسية.
كما انتقدت المتحدثة الرسمية للحزب، دوريس جاكوبسن جنسن، رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن بسبب تعاملها المنفرد مع الأزمة، ما أثار استياءً بين سكان الجزيرة.
التحديات الاقتصادية في مسار الاستقلال
وفقًا للصحيفة البريطانية، تعتمد جرينلاند على دعم مالي سنوي من الدنمارك بقيمة 580 مليون يورو، في حين يُظهر استطلاع أجرته صحيفتا "بيرلنجسكي" و"سيرميتسياك" أن غالبية سكان الجزيرة يتوقعون استمرار هذا الدعم حتى بعد تحقيق الاستقلال.
مع ذلك، يثير غياب ضمانات واضحة مخاوف كبيرة، إذ أعرب 45% من المواطنين عن رفضهم لفكرة الاستقلال إذا أثرت سلبًا على مستوى معيشتهم.
من جهتها، أشارت "ذا جارديان" إلى أن الجزيرة تعتمد اقتصاديًا على صيد الأسماك، بينما تمتلك موارد معدنية غير مستغلة.
ومع تصاعد النقاشات حول الاستقلال، يبقى السؤال حول قدرة جرينلاند على تحقيق اكتفاء ذاتي اقتصاديًا دون دعم الدنمارك.
الأبعاد الدولية لتأثير ترامب
أوضحت "ذا جارديان" أن تصريحات ترامب لم تؤثر فقط على جرينلاند، بل أثارت أيضًا جدلًا داخل الدنمارك، إذ أشارت صحيفة "بيرلنجسكي" إلى ارتفاع شعبية رئيسة الوزراء ميت فريدريكسن بنسبة 3% بسبب مواقفها القوية تجاه ترامب، ما قد يدفعها إلى الدعوة لانتخابات مبكرة، مما يعكس تأثير السياسة الأمريكية على المشهد الأوروبي.
جرينلاند بين الطموح والتحديات
تُظهر التقارير أن الجرينلانديين يواجهون معضلة معقدة، فالطموح للاستقلال يقابله واقع اقتصادي صعب وتساؤلات حول مستقبل الجزيرة دون دعم الدنمارك.
في الوقت نفسه، يتزايد الاهتمام الدولي بجرينلاند بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها الطبيعية.
ووفقًا لما ذكرته "ذا جارديان"، المستقبل السياسي والاقتصادي لجرينلاند سيظل مرهونًا بالتوازن بين تحقيق طموحات الاستقلال والحفاظ على الاستقرار، كما أن السنوات القادمة ستشهد تطورات حاسمة مع تصاعد الضغوط المحلية والدولية.