الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تجاوز الهند للصين في عدد السكان.. مكتسبات سياسية وفوائد ديموغرافية

  • مشاركة :
post-title
ازدحام في محطة قطار بالهند

القاهرة الإخبارية - محمد البلاسي

لمئات السنين كانت الصين هي البلد الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، وفي عام 1750 بلغ عدد سكانها نحو 225 مليون شخص، أي أكثر من ربع إجمالي سكان العالم في ذلك الوقت، ولم تكن الهند، آنذاك دولة موحدة، وكان عدد سكانها يقارب 200 مليون نسمة، ما جعلها تحتل المرتبة الثانية في قائمة البلاد الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم.

وفي عام 2023 سوف تحتل الهند المركز الأول في القائمة، إذ تتوقع الأمم المتحدة أن يفوق عدد السكان الهند مثيله في الصين، ومن المتوقع أن يصل لمليار و425 مليونًا و775 ألفًا و850 نسمة.

الأهمية السياسية

احتلال المركز الأول في عدد السكان على مستوى العالم له قيمة قليلة، وبحسب مجلة "ذي إيكونومست" البريطانية، يمثل إشارة لأشياء أهم، فعدم حصول الهند على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، سيكون شيئًا غريبًا، وعلى الرغم من أن اقتصاد الصين أكبر بست مرات تقريبًا من الاقتصاد الهندي، فإن النمو السكاني في الهند سيساعدها على اللحاق بالركب، ومن المتوقع أن توفر الهند للعالم أكثر من سدس الزيادة السكانية للقادرين على العمل، من سن 15 وحتى 64 عامًا من الآن وحتى عام 2050.

الشريحة العمرية وسن العمل

وعلى النقيض من ذلك، فإن عدد سكان الصين مهيأ لانخفاض حاد، إذ بلغ عدد الصينيين في الشريحة العمرية المناسبة للعمل ذروته قبل عقد من الزمان، وبحلول عام 2050، سيكون متوسط العمر في البلاد 51 عامًا، أي أكثر بنحو 12 عامًا من المتوسط الحالي، وسيتعين على الصين، ذات المعدل العمري الأكبر، أن تعمل بجدية أكثر للحفاظ على نفوذها السياسي والاقتصادي.

ونقلت المجلة البريطانية عن تيم دايسون ، عالم السكان البريطاني، أن كلا البلدين اتخذا إجراءات صارمة في القرن العشرين للحد من نمو سكانهما، وكانت المجاعة التي حدثت بين أعوام 1959-1961 في الصين عاملًا رئيسيًا في إقناع الحزب الشيوعي بالحاجة إلى كبح جماح النمو السكاني، وبعد عقد من الزمان، أطلقت الصين حملة لتأخير سن الزواج وإطالة الفترات الزمنية بين إنجاب الأطفال، مع إنجاب عدد أقل، وكان لتلك الحملة تأثير أكبر من تأثير سياسة "طفل واحد" الأكثر شهرة، التي تم تبنيها عام 1980، مع محاولات لخفض الخصوبة بشكل سريع.

النجاح الاقتصادي والعَرَض الجانبي

كان ارتفاع نسبة البالغين في سن العمل أكثر من الأطفال وكبار السن، خلال الفترة السبعينيات إلى أوائل القرن الحادي والعشرين، عَرَضًا جانبيًا للمعجزة الاقتصادية التي حققتها الصين، ومع وجود عدد أقل من الأفواه لإطعامها، أمكن للوالدين الاستثمار في كل طفل أكثر، لكن وجود آباء أكثر من الأطفال (هي ميزة عندما يكون الأطفال صغارًا) يعد عيبًا مع تقدم الوالدين في العمر، لأن الدولة ستكون مضطرة إلى أن تدفع الثمن مع تقاعد "جيل الطفرة الاقتصادية" وستصبح معتمدة على الجيل الأصغر الذي يليه.

التعقيم القسري

كانت محاولة الهند لخفض الخصوبة بين سكانها أقل نجاحًا، رغم أنها كانت أول دولة طبقت تنظيم الأسرة على نطاق قومي في الخمسينيات من القرن الماضي، وزاد عدد حملات التعقيم الجماعي، بتشجيع من المانحين الغربيين، ونُفذت بقوة أكبر خلال حالة الطوارئ التي أعلنتها أنديرا غاندي، رئيسة الوزراء، بين أعوام 1975 و1977. وبتوجيه من ابنها سانجاي غاندي، نجل رئيسة الوزراء، الذي كان من المتوقع أن يخلف والدته، أجبرت الحكومة الرجال على الذهاب إلى معسكرات للتعقيم، ومن يتخلف تم خفض راتبه، أو تسريحه من وظيفته، كما ألقت الشرطة القبض على أعداد من الفقراء، من الموجودين في محطات السكك الحديدية لتعقيمهم، وتوفي نحو ألفي شخص بسبب فوضى وفشل تلك الإجراءات.

الفوائد الديموغرافية

انتهى العمل بحملة التعقيم القسري بعد أن خسرت أنديرا غاندي الانتخابات، وعلى الرغم من العنف الذي شاب تلك الحملة، إلا أنها لم تكن شاملة بما يكفي كي تحقق انخفاضًا كبيرًا في معدل المواليد بالهند، وصحيح أن معدلات الخصوبة تراجعت، لكن بنسبة أقل من المتوقع، وببطء أكبر من معدلات الخصوبة في الصين، ومع سكان يتمتعون بمتوسط عمر نحو 28 عامًا، وزيادة لعدد السكان القادرين على العمل، لدى الهند الآن فرصة لجني العائد الديموغرافي الخاص بها، فقد حل اقتصادها أخيرًا محل الاقتصاد البريطاني، لتصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم، وسيحتل المركز الثالث عالميا بحلول عام 2029، بحسب توقعات البنك المركزي الهندي، لكن ازدهار اقتصاد الهند يعتمد على إنتاجية شبابها، وهي ليست عالية كما في الصين، فأقل من نصف الهنود البالغين يشكلون القوة العاملة، مقارنة بالثلثين في الصين.