تشهد الولايات المتحدة موسمًا غير مسبوق من حرائق الغابات التي تلتهم مساحات شاسعة من الأراضي، ما يثير المخاوف من تفاقم الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي، ومع اشتعال النيران في ولايات تكساس وكارولينا وجورجيا، يواجه الجنوب الشرقي والجنوب الغربي للبلاد تهديدًا متزايدًا بحرائق أعلى من المعدل الطبيعي.
وحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، ففي ظل هذه الظروف، تتحول الحرائق إلى أزمة بيئية واقتصادية تهدد المجتمعات والبنية التحتية، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة لاتخاذ تدابير استباقية للحد من تداعياتها.
حرائق تكساس وكارولينا وجورجيا
تستمر حرائق الغابات في الانتشار بمعدلات خطيرة، حيث اندلعت سبعة حرائق على الأقل في وسط تكساس في ظل رياح قوية وأجواء جافة، ووفقًا لتقارير هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية، فإن شرق نيو مكسيكو وغرب تكساس معرضان لخطر اندلاع مزيد من الحرائق بسبب الظروف الجوية غير المواتية.
أما في ولايتي كارولينا وجورجيا، فاندلعت مئات الحرائق، بعضها لا يزال نشطًا ويهدد بمزيد من الدمار، وتشير التحقيقات الأولية إلى أن سقوط خطوط الكهرباء كان السبب وراء اندلاع أولى الحرائق في نيوجيرسي، حيث بدأ موسم الحرائق هناك بشكل غير متوقع قبل موعده المعتاد في منتصف مارس.
مخاطر وتأثيرات مستقبلية
يتوقع خبراء الأرصاد الجوية ارتفاع خطر اندلاع الحرائق في مناطق أخرى من البلاد خلال الأشهر المقبلة، وتشمل هذه المناطق أريزونا ونيو مكسيكو ومعظم تكساس وأوكلاهوما، حيث يُتوقع أن تستمر الظروف الجوية الجافة في تأجيج الحرائق، ومن المحتمل أن يمتد هذا الخطر إلى أجزاء من ألاسكا وكاليفورنيا ونيفادا، ما ينذر بموسم حرائق شديد.
ويرتبط هذا التصاعد في الحرائق بنقص طويل الأمد في هطول الأمطار، خاصة في المناطق الجنوبية والغربية، ما أدى إلى خلق بيئة جافة مواتية لاشتعال النيران.
وتعد ولايات الجنوب الشرقي من أكثر المناطق تأثرًا، حيث تسببت الكوارث الطبيعية السابقة مثل الأعاصير والجفاف في زيادة خطر الحرائق، وأغرقت الأعاصير الأرض بالمياه، لكنها جفّت لاحقًا، تاركة وراءها كميات ضخمة من الأشجار الميتة التي تشكل وقودًا مثاليًا للحرائق.
وفقًا للباحثين، فإن عدد الحرائق في المنطقة يتزايد، حيث يشهد الجنوب الشرقي حرائق أكثر من أي جزء آخر في الولايات المتحدة، وتزداد خطورة الوضع بسبب الملكية الخاصة للغابات، التي تعوق الجهود المبذولة للسيطرة على الحرائق من خلال الحرق الموجه، وهو أسلوب يستخدم للحد من انتشار الحرائق الكبرى.
حرائق الجنوب الغربي
تشير الدراسات إلى أن قلة تساقط الثلوج في الجنوب الغربي هذا العام زادت من خطر اندلاع الحرائق في وقت مبكر من الموسم، وتعد ولايتا أريزونا ونيو مكسيكو من أكثر المناطق عرضة للخطر، حيث يسود الجفاف ويقل احتياطي الرطوبة في التربة.
ويزيد من خطورة الوضع تقليص الحكومة الفيدرالية لقوة العمل المخصصة لمكافحة الحرائق، وهو ما قد يُضعِف الجهود المبذولة للحد من انتشار الحرائق وحماية المجتمعات المحلية.
ذوبان الثلوج عامل رئيسي
على الرغم من الاعتقاد السائد بأن كمية الثلوج المتساقطة في الشتاء قد تؤثر على الحرائق، فإن الباحثين في ألاسكا يشيرون إلى أن توقيت ذوبان الثلوج هو العامل الأكثر أهمية، فعندما يذوب الثلج مبكرًا، فإنه يؤدي إلى موسم حرائق أطول وأكثر شدة.
ويشير العلماء إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى تراجع فترة تساقط الثلوج، ما يزيد من احتمالات اندلاع الحرائق في الربيع والصيف، وتشير التوقعات إلى أن جنوب غرب ألاسكا قد يشهد حرائق تفوق المعدلات الطبيعية خلال الأشهر المقبلة.
الحاجة لاستراتيجيات جديدة
في ظل تصاعد خطر الحرائق في الولايات المتحدة، تبرز الحاجة إلى تطوير استراتيجيات جديدة للتعامل مع هذه الظاهرة، ويتطلب الوضع تعزيز برامج الحرق الموجه، وزيادة الاستثمارات في فرق الإطفاء، وتبني سياسات فعالة لإدارة الأراضي والغابات.
وحسب "واشنطن بوست"، فإن الحرائق المتزايدة ليست مجرد كارثة بيئية، بل هي مؤشر على التغيرات المناخية التي تهدد مستقبل المجتمعات والموارد الطبيعية، لذا فإن التحرك السريع واتخاذ تدابير استباقية أصبح ضرورة ملحة لحماية الأرواح والممتلكات من نيران تهدد مستقبل الحياة في الولايات المتحدة.