الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بين الإليزيه وماتينيون.. صراع نفوذ في فرنسا لإدارة السياسة الخارجية

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حملة دبلوماسية مكثفة لتوحيد مواقف الاتحاد الأوروبي تجاه التحديات الدولية.في ظل صراع صلاحيات مع رئيس وزرائه فرانسوا بايرو، وتحركات من رئيس وزرائه الأسبق جابرييال آتال تعكس استقلاليته عن قصر الإليزيه وفقًا لـ"إكسبريس".

حملة ماكرون الدبلوماسية

وفقًا للصجيفة الفرنسية، يبدو الرئيس ماكرون أكثر نشاطًا من أي وقت مضى على الصعيد الدبلوماسي، إذ يقود حملة دبلوماسية مكثفة شملت عقد سلسلة من اللقاءات مع جميع قادة دول الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين، في محاولة لتوحيد المواقف الأوروبية تجاه التحديات المتصاعدة.

وخلال مجلس الوزراء الأخير، استغرق ماكرون وقتًا أطول من المُعتاد في تحليل الوضع الدولي، مركزًا على محورين رئيسيين، هما الولايات المتحدة التي وصفها بـ"الحليف غير المتوقع"، وروسيا التي أشار إلى تحولاتها الجذرية.

وفي تصريح لافت للنظر، أكد ماكرون أن "بوتين اليوم يختلف تمامًا عن ذلك الذي كان يتعامل مع جاك شيراك"، في إشارة إلى التغير الكبير في السياسة الروسية وتداعياته على الأمن الأوروبي.

صراع الصلاحيات

تكشف الصحيفة عن صراع خفي بين قصر الإليزيه ورؤساء الوزراء المتعاقبين في قصر ماتينيون حول صلاحيات السياسة الخارجية.

وتبرز قصة ميشيل بارنييه، المفاوض السابق للبريكست، كمثال واضح على هذا الصراع، ففي سبتمبر 2024، أثار بارنييه زوبعة سياسية، عندما صرح خلال اجتماع حزبي في آنسي بأنه لا يؤمن بوجود مجالات محفوظة لرئيس الدولة، مؤكدًا أنها "مجالات مشتركة" مع رئيس الوزراء.

وتنقل الصحيفة عن مصادر مطلعة أن تصريحات بارنييه أثارت غضبًا شديدًا في قصر الإليزيه، رغم أن موقفه كان صحيحًا من الناحية الدستورية، كما أكد له إدوارد بلادور، رئيس الوزراء السابق الذي عاصر فترة التعايش مع الرئيس فرانسوا ميتران، إلّا أن الواقع السياسي أجبر بارنييه على التراجع، حيث نقل التقرير عنه قوله لأحد المقربين من الرئيس: "يجب أن نخبر الرئيس أن الأمر لم يكن مقصودًا".

وتشير إكسبريس إلى أن تعيين فرانسوا بايرو كرئيس للوزراء، يمثل تحولًا جذريًا في إدارة العلاقة بين الإليزيه وماتينيون، فرغم أن الأخير فرض نفسه تقريبًا على الرئيس عند تعيينه، إلا أنه يتبع نهجًا أكثر هدوءًا في تعامله مع الملفات الخارجية. ونقلت عن أحد مستشاريه قوله إن بايرو "يظهر احترامًا كبيرًا للمجال المحفوظ للرئيس"، وهو ما يتجلى في عدم قيامه بأي زيارة خارجية منذ توليه منصبه قبل شهرين، حتى داخل حدود الاتحاد الأوروبي.

وتفرد الصحيفة مساحة كبيرة لسرد تفاصيل مثيرة حول علاقة ماكرون بسلف بايرو، جابرييل آتال، فبعد فترة وجيزة من تعيينه رئيسًا للوزراء، راود آتال طموح القيام بزيارة رسمية إلى أوكرانيا.

لكن ماكرون رفض الفكرة بشكل قاطع، مؤكدًا أن الملف الأوكراني يقع ضمن صلاحياته الحصرية.

وفي مفارقة لافتة، قام آتال بزيارة كييف كأول رحلة خارجية له بعد مغادرته منصبه، كما يقوم حاليًا بزيارة ثانية للعاصمة الأوكرانية في نهاية هذا الأسبوع، في خطوة تؤكد استقلاليته الجديدة عن قصر الإليزيه.

مستقبل السياسة الخارجية

ولفتت "إكسبريس" إلى رغبة ماكرون إجراء نقاش برلماني موسع حول السياسة الخارجية، إذ كان الرئيس يأمل في عقد جلسة خاصة الأسبوع المقبل، لكنه اضطر للانتظار حتى مطلع مارس؛ بسبب عدم انعقاد جلسات المجلس الوطني.

وسيتم عقد هذا النقاش استنادًا إلى المادة 50-1 من الدستور الفرنسي، وهي مادة تتيح للحكومة أن تقدم إعلانًا حول موضوع معين أمام البرلمان، يتبعه نقاش عام وإمكانية إجراء تصويت دون أن يترتب عليه مسؤولية الحكومة، في خطوة تهدف إلى بناء توافق وطني حول التحديات الدولية المتصاعدة.

ويكتسب هذا النقاش أهمية خاصة في ظل زيارة ماكرون المرتقبة لواشنطن الأسبوع المقبل للقاء الرئيس ترامب، حيث سيسعى الرئيس الفرنسي إلى تنسيق المواقف حول القضايا الدولية الملحة، خاصة فيما يتعلق بالأمن الأوروبي والملف الأوكراني.

وحذّر ماكرون في تصريحات صحفية حديثة من إمكانية حدوث "ما لا يمكن تصوره"، في إشارة واضحة إلى المخاوف من التهديدات الروسية المتصاعدة وتأثيرها على الأمن الأوروبي.

وتخلص الصحيفة إلى أن هذه التطورات تعكس رغبة ماكرون في الاحتفاظ بزمام المبادرة الدبلوماسية في يديه، خاصة في ظل التحديات غير المسبوقة التي تواجه فرنسا وأوروبا، كما تُشير إلى أن نجاح هذا النهج سيعتمد بشكل كبير على قدرة الرئيس على بناء توافق داخلي حول سياسته الخارجية، وعلى مدى تعاون رئيس وزرائه الجديد في احترام ما يعتبره ماكرون مجالًا محفوظًا للرئاسة.