تحول كبير أحدثه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة نحو روسيا العدو التقليدي للولايات المتحدة الأمريكية، التي يسعى للسلام وعودة العلاقات معها، وإنهاء الحرب في أوكرانيا، وأرجع الخبراء هذا التحول إلى أن وراءه سياسة خفية.
وخلال الأيام الماضية، توترت العلاقة بصورة كبيرة بين ترامب وزيلينسكي، عقب المحادثات الأمريكية الروسية في السعودية، التي انتهت الجولة الأولى منها بـ3 أهداف رئيسية تتمثل أهمها في إعادة موظفي السفارات، وتعيين فريق تفاوضي تمهيدًا لبدء عودة العلاقات وإزالة العقوبات.
توترات متبادلة
وترجع تلك التوترات، بحسب منظمة peoplesdispatch، إلى إجراء المحادثات حول أوكرانيا دون أوكرانيا، وتبادل بسببها الزعيمان انتقادات لاذعة، إذ أطلق ترامب لقب الديكتاتور على زيلينسكي، الذي رد بأن الرئيس الأمريكي يعيش في فضاء التضليل الروسي.
وفي الظاهر، تهدف تحركات ترامب المتسرعة نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، إلى كونه يريد إنهاء صفقة من أجل ما وصفه بالحرب السخيفة، التي زعم أنها قتلت بالفعل مئات الآلاف من الجانبين، إن لم يكن أكثر من مليون شخص.
أهداف أخرى
أما في الخفاء فيبدو أن لترامب أهدافًا أخرى، كما يرى خبراء السياسة، إذ يسعى إلى إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة من شأنها أن تبعد روسيا عن شراكتها الاستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية.
وتلك الشراكة الروسية الصينية، تم إنشاؤها على مدى السنوات الـ15 الماضية، ردًا على سياسة خارجية عدوانية للغاية شبيهة بالحرب كانت تنتهجها الولايات المتحدة ضد كل من الصين وروسيا.
نهاية سلمية
ويظهر هذا التحول جليًا، في أن بايدن فعل كل ما في وسعه لمنع التوصل إلى نهاية سلمية للحرب عن طريق التفاوض، بما في ذلك تعطيل محادثات السلام، وكان لديه موقف عدائي صريح وكامل تجاه روسيا، وفي المراحل الأخيرة من رئاسته سمح باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد روسيا.
ولكن التحول الجذري في السياسة الخارجية، ظهر جليًا في تعليقات وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، الذي ألقى حجرًا كبيرًا في مياه أوكرانيا الراكدة، وصرّح بأنه العودة إلى حدود أوكرانيا قبل عام 2014 هدف غير واقعي، وأن عضوية الناتو أيضًا لكييف ليست مطلبًا شرعيًا.
سياسة فاشلة
ويرى الخبراء أن ترامب يمثل توجهًا مختلفًا عن إدارة بايدن ومؤسسة السياسة المحافظة الجديدة، التي هيمنت على السياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين، التي يرى ترامب وفريقه أنها سياسة فاشلة.
ويرى ترامب أيضًا أن موقف المؤسسة السياسية السابقة المناهض لروسيا أضعف الولايات المتحدة على المستوى الدولي، وعزز العلاقة الاستراتيجية بين الصين وروسيا، وهذه العلاقة قللت من سلطة أمريكا وقوتها في جميع أنحاء العالم.
القدرة والنية
وفي عهد ترامب، شدد خبراء السياسة على أن الأولوية الآن باتت واضحة بالنسبة لإدارة البيت الأبيض الجديدة، التي باتت متمثلة في الابتعاد عن أوروبا والاتجاه نحو الصين، التي يرون أنها مع القدرة والنية فيها تستطيع تهديد الولايات المتحدة ومصالحها في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ.
وفي الأخير، باتت سياسة أمريكا متمثلة في ردع الحرب مع الصين بالمحيط الهادئ، بل ويمكن الذهاب إلى تصعيد الحرب الباردة وتسارع المواجهة العسكرية الكاملة، والمحاولات السريعة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ما هي إلا بمثابة استعداد من ترامب وإدارته لمواجهة التنين الصيني.