في تحرك غير تقليدي يعكس طبيعة سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أرسل الأخير رجل الأعمال ومطور العقارات الملياردير ستيف ويتكوف، إلى موسكو لبحث اتفاق محتمل لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
أثارت هذه الخطوة جدلًا واسعًا بين الحلفاء الغربيين، إذ لم يكن ويتكوف يحمل أي خبرة دبلوماسية سابقة، بل كان معروفًا بكونه صديقًا مقربًا لترامب وشريكه في رياضة الجولف، ووفق تقرير نشرته شبكة "بي بي سي" البريطانية، فإن تعيين ويتكوف في مهام دبلوماسية حساسة، يعكس نهج ترامب غير التقليدي في السياسة الخارجية، الذي يفضل استخدام الشخصيات ذات الخلفيات التجارية لإدارة الأزمات الدولية.
مهام دبلوماسية معقدة
في خطوة مفاجئة، قرر ترامب تعيين ويتكوف مبعوثًا إلى الشرق الأوسط، إلا أن مهامه لم تقتصر على هذه المنطقة، بل شملت أيضًا قضايا أوروبية ذات أبعاد جيوسياسية معقدة، فقد أُرسل ويتكوف إلى موسكو للمشاركة في مناقشات حول تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة وروسيا، وهي خطوة فُسرت على أنها إشارة إلى احتمال تحسن العلاقات بين البلدين.
لعب ويتكوف دورًا محوريًا في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، حيث التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل إبرام الاتفاق، كما عمل عن كثب مع مبعوث الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، بريت ماكجورك، الذي وصف تعاونه مع ويتكوف بأنه "شراكة وثيقة للغاية"، وبعد وساطته في هذا الملف، توجه ويتكوف إلى السعودية للمشاركة في المحادثات الأولى بين الولايات المتحدة وروسيا حول الحرب في أوكرانيا.
علاقة ترامب وويتكوف
ويتكوف، البالغ من العمر 67 عامًا، نشأ في لونج آيلاند بنيويورك، وبنى ثروته في سوق العقارات التنافسي في نيويورك وفلوريدا، ويُعرف بكونه أحد أقدم داعمي ترامب، حيث كان من أوائل الذين انضموا إلى فريقه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، ويرى ترامب في ويتكوف أحد "أعظم صناع الصفقات في العالم، وفقًا لما ذكره مسؤول في البيت الأبيض لموقع "أكسيوس".
لم يقتصر دور ويتكوف على إدارة قضايا الشرق الأوسط وأوروبا، بل تشير التقارير إلى أنه مكلف أيضًا بالتواصل مع إيران بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد، وتؤكد صحيفة "فاينانشال تايمز" أن ترامب يعتمد على ويتكوف لقيادة هذه المحادثات كجزء من خطة أوسع "لوقف الحروب" في المنطقة.
مخاوف الحلفاء الغربيين
برز ويتكوف كوسيط سياسي داخل الحزب الجمهوري، خلال حملة ترامب الانتخابية لعام 2024، حيث ساعد في تهدئة التوترات بين ترامب ومنافسه السابق في الانتخابات التمهيدية، حاكم فلوريدا رون ديسانتيس. كما التقى بحاكم جورجيا برايان كيمب لتخفيف التوترات التي نشأت نتيجة مزاعم ترامب بشأن تزوير الانتخابات.
وأثار تولي ويتكوف لمهام دبلوماسية حساسة، قلقًا واسعًا بين حلفاء الولايات المتحدة، خاصة في أوروبا، الذين يرون في تعيينه علامة على تقليل دور المؤسسات الدبلوماسية التقليدية لصالح نهج يعتمد على العلاقات الشخصية والتجارية، وأدى ذلك إلى تعميق الانقسامات بين واشنطن وحلفائها التقليديين في الناتو.
وفي حين أن البعض يرى في نهج ترامب "مرونة غير مسبوقة" في إدارة السياسة الخارجية، يرى آخرون أن الاعتماد على رجال الأعمال لحل الأزمات الدولية قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة ذات عواقب طويلة الأمد.
ويتساءل المراقبون ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستسهم في تحقيق السلام، أم إنها ستؤدي إلى صفقات قد تضر بالمصالح الأمريكية على المدى البعيد، بعد أن أصبحت الشخصيات غير التقليدية تلعب أدوارًا رئيسية في صنع القرار.