الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حشود خرجت عن السيطرة.. كارثة تدافع في محطة قطار نيودلهي

  • مشاركة :
post-title
تدافع الحشود في محطة قطارات نيوديلهي تسبب في كارثة

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

في ليلة مأساوية اهتزت لها العاصمة الهندية، تحولت محطة قطار نيودلهي، إحدى أكثر المحطات ازدحامًا في البلاد، إلى مسرح لكارثة إنسانية راح ضحيتها 18 شخصًا، فيما أصيب أكثر من 12 آخرين، بينهم نساء وقُصّر.

حادث كانت آثاره بين نعال متناثرة وحقائب لا يبحث عنها أصحابها وأمتعة ممزقة؛ لتظل شاهدة على تلك اللحظات العصيبة التي عاشها الركاب في المحطة ما بين ناجين وضحايا ومصابين.

تفاصيل الحادث

وفقًا لصحيفة "ديكان هيرالد" الهندية، فقد وقعت الكارثة مساء أمس السبت، عندما احتشد آلاف الركاب في المحطة، وكان العديد منهم من حجاج مهرجان ماها كومبه، وهو أحد أكبر المهرجانات الدينية في الهند.

وأدى خطأ في الإعلان عن القطارات إلى حالة من الفوضى والارتباك، حيث أعلنت إدارة المحطة عن وصول "قطار براياجراج الخاص" إلى الرصيف 16، في حين كان "قطار براياجراج السريع" متوقفًا بالفعل على الرصيف 14.

تسبب هذا الخطأ في تدافع جماعي، حيث اعتقد بعض الركاب أن قطارهم قد غيَّر موقعه واندفعوا نحو السلالم والجسر العلوي للعبور إلى الرصيف 16، ما أدى إلى كارثة بشرية.

مع العلم بأن مثل هذه الحوادث ليست نادرة الحدوث في الهند، بل تكثر بسبب الازدحام في المناسبات الدينية والمهرجانات والأماكن العامة. ففي الشهر الماضي، قُتل 30 شخصًا وأصيب العشرات في حادث تدافع في مهرجان كومبه ميلا .

ولم تكن الحشود في محطة السكك الحديدية غير متوقعة أيضًا، إذ إن القطارات هي أرخص وسيلة نقل لمسافات طويلة في الهند، ومن الشائع أن يتجاوز عدد الركاب سعة القطارات بكثير.

شهادات الناجين

يروي جيانيندر سينج، أحد الشهود العيان لموقع "الهند اليوم": "كانت قوة الحشد لا تُطاق، لم أستطع الحركة، شاهدت الناس يسقطون بعضهم فوق بعض، والذعر يعمُّ المكان". فيما أضاف شاهد آخر: "حاولنا التنبيه بأن الناس يموتون، لكن التدافع كان قويًا للغاية، ولم يكن بالإمكان إيقافه".

بسبب الضغط المستمر، سقط العديد من الركاب، لا سيما النساء وكبار السن، وتعرضوا للدوس تحت الأقدام، ويقول أحد الناجين في حديثه لموقع "بي بي سي" البريطانية: "لم أتمكن من الحركة، شعرت بأنني سأسقط في أي لحظة".

ووصف أحد عمال الإنقاذ المشهد بأنه "من أكثر الكوارث التي شهدتها في حياتي المهنية، إذ لم يكن لدى الناس وقت لإنقاذ أنفسهم، فهربوا وتركوا وراءهم أمتعتهم وأحذيتهم وحتى أساورهم المكسورة".

مسؤولية السكك الحديدية

وفقًا لتقارير إعلامية عدة، بما في ذلك صحيفة "الهند اليوم"، فإن الازدحام الشديد في المحطة كان نتيجة تأخير عدة قطارات، حيث تأخر قطاران رئيسيان، وهما "سواتانتراتا سيناني إكسبريس" و"بوبانسوار راجداني إكسبريس"، ما أدى إلى تكدس الركاب على الأرصفة 13 و14 و15. وعندما جاء الإعلان عن انطلاق قطار خاص إلى براياجراج من الرصيف 16، ظن العديد من المسافرين أنه القطار الذي ينتظرونه، وهرعوا إلى الجسر الضيق.

كشف تقرير أولي صادر عن شرطة دلهي أن التعامل مع بيع 1500 تذكرة في الساعة كان يفوق طاقة إدارة المحطة، الأمر الذي ساهم في تفاقم الأزمة، كما أشار التقرير إلى أن نظام الإعلانات في المحطة قد يكون بحاجة إلى مراجعة، لتجنب حدوث ارتباك مماثل مستقبلاً.

بعد وقوع الحادث، شددت السلطات الأمنية في المحطة وبدأت تحقيقات مكثفة لتحديد المسؤوليات وأوجه القصور، ووفقًا لموقع "أخبار تلفزيون الهند"، فقد عُقد اجتماع رفيع المستوى بين كبار مسؤولي شرطة دلهي وإدارة السكك الحديدية لمناقشة التقرير الأولي حول الحادث، كما تم استجواب مسؤولي السكك الحديدية حول سوء إدارة تدفق الركاب وعدم اتخاذ تدابير احترازية لتجنب التدافع.

تعويضات الضحايا

أعلنت هيئة السكك الحديدية الهندية عن تقديم تعويضات لأسر الضحايا، حيث سيتم منح 10 ملايين روبية لأقرباء كل متوفٍ، فيما يحصل المصابون بجروح خطيرة على 250 ألف روبية، أما المصابون بجروح طفيفة فسيتم تعويضهم بمبلغ 100 ألف روبية.

وقد صرّح وزير السكك الحديدية، أشويني فايشناو، عبر حسابه في منصة "إكس" قائلًا: "أشعر بحزن عميق إزاء التدافع المؤسف في محطة نيودلهي. صلواتي مع كل مَن فقدوا أحباءهم. فريقنا يعمل بكامل طاقته لمساعدة المتضررين".

وأثارت الحادثة موجة من الغضب الشعبي تجاه إدارة المحطة وسلطات السكك الحديدية. ووفقًا لشبكة "بي بي سي"، فقد انتقد زعماء المعارضة الحكومة، متهمين إياها بعدم اتخاذ الترتيبات اللازمة لإدارة الحشود في المحطة المزدحمة.

وفي حديثه للصحفيين، قال بانكاج جانجوار، مفوض الأمن الرئيسي في شركة السكك الحديدية الشمالية: "يجب استكمال التحقيق أولاً قبل توجيه أي اتهامات بشأن أوجه القصور في الأمن والسلامة"، ومع ذلك، عبّر العديد من أقارب الضحايا عن غضبهم، مؤكدين أن الحادثة لم تكن مجرد خطأ فردي، بل نتيجة لضعف الإدارة وسوء التنظيم.

المشاهد الأخيرة

مع استئناف العمل في المحطة صباح اليوم الأحد، بدت الأرصفة والجسور أكثر تنظيمًا، لكن ندوب المأساة ظلت عالقة في أذهان من شهدوها، وكانت آثار الأقدام على الدرج، والحقائب المتروكة، وصرخات الناجين التي لا تزال تتردد في أذهانهم، دليلاً صامتًا على الكارثة.

في مستشفى "لوك ناياك جاي براكاش" حيث تم نقل معظم الضحايا، كانت قوات الشرطة والقوات شبه العسكرية منتشرة للحفاظ على النظام، فيما تم إنشاء مكتب مساعدة لتقديم الدعم لعائلات الضحايا.

لم يُسمح للصحفيين بالدخول، لكن في الخارج، كانت الدموع والآلام حاضرة في كل مكان. أحد أقارب الضحايا، وهو عم الطفلة ريا ذات السبع سنوات، قال وهو يمسح دموعه: "لا يستحق أي طفل أن يموت بهذه الطريقة".