وسط الإجراءات الصارمة للحد من تدفق المهاجرين، اتُهمت الحكومة الفرنسية بجعل بعض اختبارات اللغة الجديدة التي تفرضها على الأجانب الراغبين في الإقامة في البلاد صعبة للغاية "لدرجة أن مواطنيها يفشلون في اجتيازها"، كما أشار تقرير لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية.
وأشار التقرير، الذي يناقش تأثير قانون الهجرة الجديد المتوقع أن يدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام، إلى أن المتطلبات الأكثر صرامة قد تؤدي إلى رفض منح 60 ألف شخص الإذن بالبقاء في فرنسا.
وتبلغ تكلفة الاختبارات نحو 100 يورو، وهي جزء من مشروع قانون أقره البرلمان الفرنسي قبل عام، ويتضمن فرض ضوابط حدودية أكثر صرامة وتدابير أكثر صرامة لطرد المهاجرين الأجانب، بينما تزعم الحكومة أن الهدف الأساسي من هذا القانون هو تعزيز تكامل الأجانب.
توقعات بالفشل
حتى الآن، كان يتعين على المتقدمين للحصول على بطاقة الإقامة -وهي الوثيقة التي تسمح لهم بالبقاء في فرنسا- التوقيع على "عقد اندماج" والتعهد بتعلم اللغة الفرنسية، ولم يُطلَب من المتقدمين للحصول على الجنسية الفرنسية أو الإقامة الطويلة الأجل سوى اجتياز اختبار اللغة.
ويشترط القانون على المتقدمين للحصول على أوراق أن يكونوا على الأقل على مستوى تلميذ في المرحلة الثانوية الدنيا في اللغة الفرنسية، وأن تتراوح أعمارهم بين 11 و15 عامًا.
أما المتقدمون للحصول على أوراق للإقامة لفترة أطول، أو للحصول على الجنسية، فسوف يُطلب منهم إظهار كفاءة أكبر.
وأشار تحقيق أجرته "فرانس إنفو" إلى أن المستويات المطلوبة الجديدة قد تشكل تحديًا حتى للمتحدثين الأصليين باللغة الفرنسية.
وبالفعل، أرسلت "فرانس إنفو" عشرة متطوعين فرنسيين، من بينهم طالب في الأدب حصل على خمس سنوات من التعليم العالي بعد البكالوريا، لخوض الاختبارات التي سيواجهها الراغبون في الحصول على الجنسية الفرنسية، فشل خمسة منهم في اجتياز الاختبار الكتابي لكنهم نجحوا في الاختبار الشفوي، بينما فشل اثنان في الوصول إلى المستوى اللازم للحصول على جنسيتهما.
كما أشار تقرير عن تأثير القانون إلى أنه سيتم تطبيقه على أكثر من 330 ألف شخص في العام الأول، مع توقع فشل نحو 60 ألفًا منهم في اختبارات اللغة، وسحب حقهم في البقاء في فرنسا.
والشهر الماضي، قال وزير الداخلية المحافظ برونو ريتيلو: "إذا كان هناك أجنبي يقيم بشكل قانوني في فرنسا لعدة سنوات ولا يستطيع التحدث بالفرنسية فإن ذلك يعني أنه لم يبذل الجهد".
نحو اليمين
تم إعداد التشريع المعروف بـ"قانون السيطرة على الهجرة وتحسين التكامل" من قبل وزير الداخلية الفرنسي السابق جيرالد دارمانين، وتم إقراره في يناير 2024، ورأى الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته في ذلك "تحولًا نحو اليمين".
ينص القانون الذي أقره البرلمان الفرنسي على أن أي شخص يتقدم بطلب للحصول على الجنسية يجب أن "يقدم دليلًا على مستوى اللغة الذي يمكنه على الأقل من فهم السياق الأساسي للموضوعات الملموسة أو المجردة في اختبار معقد، والتواصل بشكل عفوي والتعبير عن نفسه بوضوح وتفصيل حول مجموعة واسعة من الموضوعات".
ولم يتحدد بعد موعد سريان المرسوم الجديد، لكن من المتوقع إعفاء أغلب المتقاعدين -الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا- وكذلك أولئك الذين يتقدمون بطلبات للحصول على بطاقات الزوار السنوية أو تجديدها.
ونقلت "ذا جارديان" عن ديدييه ليسكي، المدير العام للمكتب الفرنسي للهجرة والاندماج، أن فرنسا تتوافق فقط مع المتطلبات في الدول المجاورة بما في ذلك ألمانيا.
وقال: "النظام بأكمله مصمم لإعطاء الناس شعورًا بالمسؤولية ومساعدتهم على الاندماج.. يجب أن تثق في الناس. لديهم ثلاث سنوات للوصول إلى الحد الأدنى وتجديد تصريح إقامتهم".