الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خطوات غير مسبوقة.. أوروبا تبحث خيار "المرونة" في الإنفاق العسكري

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتحديات الأمن القومي، يستعد الاتحاد الأوروبي لخطوة جريئة وغير مسبوقة في تاريخه المالي، إذ تكشف وثائق سرية لصحيفة "بوليتيكو" الأوروبية أن المفوضية الأوروبية تدرس مقترحات لتوسيع نطاق الإنفاق العسكري، بما يسمح للدول الأعضاء بتعزيز قدراتها الدفاعية دون التعرض للعقوبات المالية التقليدية.

محددات الأزمة

تشير "بوليتيكو" إلى أن هذه الخطوة الاستراتيجية تأتي في سياق معقد من التحديات الجيوسياسية التي تواجه القارة الأوروبية، فمع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الرابع، وتزايد الضغوط الأمريكية بقيادة دونالد ترامب لرفع معدلات الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وجدت المؤسسات الأوروبية نفسها أمام معضلة حقيقية تتطلب تفكيرًا خارج الصندوق وابتكارات مالية غير تقليدية.

يتمحور التحدي الرئيسي حول كيفية تعزيز القدرات الدفاعية في ظل القيود المالية الصارمة التي تفرضها القواعد الأوروبية، إذ إن الاتحاد يسعى إلى ابتكار حلول مالية خلاقة تسمح بزيادة الإنفاق العسكري دون التسبب في أزمات اقتصادية داخلية.

وقد كشفت المصادر الدبلوماسية للصحيفة أن المفوضية الأوروبية تعكف على حلول مبتكرة تتجاوز التعريفات التقليدية للإنفاق العسكري، ما يعكس حالة من الاستعداد غير المسبوق لمواجهة التحديات الأمنية المعاصرة.

استراتيجية التوسع المالي

يتجاوز المقترح الحالي التعريف التقليدي للإنفاق العسكري، ليشمل مجموعة واسعة من النفقات التي لم تكن محسوبة سابقًا، فبدلًا من الاقتصار على شراء المعدات العسكرية، يسعى الاتحاد الأوروبي لتوسيع مفهوم الاستثمار الدفاعي ليشمل تكاليف متنوعة مثل التوظيف العسكري الكامل، وصيانة المعدات والأسلحة، وبرامج التدريب المتقدمة، ونفقات النقل والتحرك العسكري، وتكاليف الاستعداد والتأهب.

معضلة التوازن

لم تكن العملية سلسة، حيث برزت خلافات واضحة بين الدول الأوروبية، إذ وقفت ألمانيا، بقيادة المستشار أولاف شولتس، موقفًا متحفظًا ورفضت الخيارات المالية المبتكرة، خاصة مقترح إصدار سندات موحدة للدفاع.

في المقابل، دفعت دول شرق ووسط أوروبا، إلى جانب فرنسا وإيطاليا، باتجاه المزيد من المرونة في القواعد المالية.

تواجه دول مثل إيطاليا وفرنسا تحديات مالية كبيرة، مع ارتفاع مستويات الدين العام بشكل يتجاوز الحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي.

في حين أن القواعد الحالية تشترط أن يكون العجز المالي أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي، والدين العام تحت 60%، لذا يأتي المقترح الجديد كمحاولة لإيجاد مساحة تنفس للدول المثقلة بالديون، وتوفير هامش مناورة مالي يسمح بتعزيز القدرات الدفاعية دون إرهاق الاقتصادات الوطنية.

التحديات الاستراتيجية

يرى المسؤولون الأوروبيون، بحسب ما تشير الصحيفة، أن هذه الخطوة ضرورية في ظل التحديات الأمنية المتزايدة، خاصة مع التهديدات الروسية المستمرة، والغموض المحيط بالسياسة الأمريكية تحت إدارة ترامب، أصبح من الضروري تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية المستقلة بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الناتو.

من جانبهم يشدد الدبلوماسيون على أهمية الاستعداد العسكري، وتكاليف نقل القوات، والجاهزية للتعبئة العسكرية، إذ إن الهدف يتجاوز مجرد زيادة الإنفاق إلى بناء منظومة دفاعية أوروبية أكثر استقلالية وفعالية، قادرة على حماية مصالح القارة في عالم متغير وملتهب سياسيًا وأمنيًا.