في خطوة مثيرة للجدل، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عن خطة لمنح الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا وضع اللاجئ وإعادة توطينهم في الولايات المتحدة، مستندًا إلى مزاعم بانتهاكات حقوقية ضدهم.
المفاجأة كانت في رفض تلك الفئة للعرض الأمريكي، مشددين على التزامهم بالبقاء في بلادهم؛ رغم ما وصفوه بالتحديات.
ووفقًا لشبكة "أسوشيتد برس" الأمريكية، أثارت هذه الخطوة ردود فعل واسعة داخل جنوب إفريقيا وخارجها، إذ اتهمت الحكومة الجنوب إفريقية إدارة ترامب بنشر معلومات مضللة والتدخل في شؤونها الداخلية.
الأقلية البيضاء
يعود تاريخ الأفريكانيين، الذين يشكلون غالبية البيض في جنوب إفريقيا، إلى أكثر من 300 عام، حيث ينحدرون من المستوطنين الهولنديين والفرنسيين والألمان الذين استقروا في المنطقة خلال القرون الماضية.
ويشكل البيض مجتمعين نحو 7% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 62 مليون نسمة، ولا يزالون يتمتعون بمستوى معيشة أفضل بكثير من السود بعد أكثر من ثلاثة عقود من انتهاء نظام الفصل العنصري.
رفض اللجوء الأمريكي
أعلنت أبرز المنظمات الممثلة للأفريكانيين، مثل "التضامن" و"أفريفورم"، رفضها للعرض الأمريكي، مؤكدين رغبتهم في البقاء داخل وطنهم؛ رغم التحديات السياسية والاقتصادية.
وقال ديرك هيرمان، الرئيس التنفيذي لنقابة التضامن: "نحن نعمل هنا وسنبقى هنا، لن نذهب إلى أي مكان". فيما قالت كالي كرييل، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "أفريفورم": "لا نريد الانتقال إلى أي مكان آخر".
جاءت خطوة ترامب لمعاقبة جنوب إفريقيا بوقف جميع المساعدات الأمريكية، في وقت اتهمت فيه واشنطن حكومة البلاد بالسماح بهجمات على المزارعين البيض، وتمرير قانون جديد لمصادرة الأراضي دون تعويض، لكن الحكومة الجنوب إفريقية نفت تلك الادعاءات، مؤكدة أن الإصلاحات الزراعية تهدف إلى تصحيح إرث الاستعمار والفصل العنصري.
وقال المتحدث باسم الرئيس سيريل رامافوزا: "جنوب إفريقيا دولة ديمقراطية تحترم جميع مواطنيها، لا يوجد اضطهاد ممنهج ضد أي فئة من السكان".
الوضع الاقتصادي للبيض
رغم ادعاءات ترامب، لا تزال الأقلية البيضاء تمتلك نحو 70% من الأراضي الزراعية في البلاد، بينما يعيش 64% من السود تحت خط الفقر، مقارنة بـ 1% فقط من البيض، وفقًا لتقرير لجنة حقوق الإنسان في جنوب إفريقيا عام 2021.
من جهتها، وصفت وزارة الخارجية الجنوب إفريقية مبادرة ترامب بأنها "حملة تضليل"؛ تهدف إلى تبرير سياسات الهجرة الأمريكية الانتقائية، والتي تركز على حماية مجموعات معينة، بينما تواصل طرد اللاجئين والمهاجرين الفقراء من مناطق أخرى.
ويرى محللون أن اهتمام ترامب المفاجئ بمصير البيض في جنوب إفريقيا قد يكون مرتبطًا بسياسات داخلية تهدف إلى كسب دعم اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، وفيما يعاني السود في البلاد من تهميش اقتصادي، يرى البعض أن واشنطن اختارت غض الطرف عن معاناتهم وركزت على فئة لا تزال تتمتع بامتيازات كبيرة.
تصحيح أخطاء الماضي
يرفض قادة جنوب إفريقيا وصف الإصلاحات القانونية بأنها اضطهاد ضد البيض، ويؤكدون أنها تهدف إلى معالجة الفجوة الاقتصادية والاجتماعية التي خلّفها الفصل العنصري، وتقول الحكومة إن هذه القوانين ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية في بلد لا يزال يعاني من إرث الاستعمار الطويل.
وقالت سيثابيل نجيدي، وهي تاجرة في سوق جوهانسبرج: "لم أرَ أي شخص أبيض يتعرض لسوء المعاملة هنا، ترامب يحتاج إلى زيارة جنوب إفريقيا بنفسه، بدلًا من الاعتماد على معلومات مشوهة".