الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ترامب وجرينلاند.. 85% من سكان الجزيرة يرفضون الانضمام لأمريكا

  • مشاركة :
post-title
سكان جرينلاند يرفضون الانضمام للولايات المتحدة

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

بينما يضغط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل انضمام جرينلاند "جزيرة تابعة لمملكة الدنمارك" إلى الولايات المتحدة، أظهر استطلاع جديد للرأي أن 85% من سكان الإقليم الدنماركي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي يعارضون هذه الخطوة، وفق ما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" الأمريكية.

وأظهر الاستطلاع الذي أجرته صحيفة "سيرميتسياك" في جرينلاند، وصحيفة "بيرلينجسكي" الدنماركية، أن 6% فقط من 497 بالغًا من سكان جرينلاند شملهم الاستطلاع يؤيدون الانضمام إلى الولايات المتحدة، بينما كان 9% مترددين.

وأجرت شركة الأبحاث البريطانية فيريان، الاستطلاع في الفترة من 22 إلى 26 يناير الجاري، وتم نشر الاستطلاع، أمس الثلاثاء، بينما زارت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن، ثلاث عواصم أوروبية.

وزارت فريدريكسن، المستشار الألماني أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، ولم يذكر أحد ترامب أو تهديده بالاستيلاء على جرينلاند علنًا، تماشيًا مع طلبات الدنماركيين بالصمت لتجنب الإساءة إلى الرئيس الأمريكي.

لكن فريدريكسن قالت في نهاية الرحلة: "على نطاق واسع، هناك دعم كبير جدًا للدنمارك في هذا الوضع". 

وأضافت في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بباريس، أنها تلقت قدرًا كبيرًا من الدعم من زعماء أوروبيين آخرين ورسالة واضحة للغاية مفادها أنه "يجب أن يكون هناك احترام للأراضي وسيادة الدول".

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إن باريس ناقشت إرسال قوات إلى جرينلاند، لكن "في هذه المرحلة، ليست هذه رغبة الدنمارك".

وأوضح 5 مسؤولين أوروبيين كبار حاليين وسابقين لـ"فاينانشال تايمز"، الأسبوع الماضي، أن ترامب كان عدوانيًا في مكالمة مع فريدريكسن، أصر فيها على أن الولايات المتحدة لا تزال تريد جرينلاند.

وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن، أمس الثلاثاء: "لا ينبغي لترامب أن يحصل على جرينلاند. سيبقى وضع جرينلاند كما هو".

ودفع اهتمام ترامب بشراء جرينلاند ورفضه استبعاد استخدام القوة العسكرية أو فرض الرسوم الجمركية على الدنمارك، لتحقيق هدفه بالاستيلاء على أكبر جزيرة غير قارية في العالم، إلى دائرة الضوء الجيوسياسية.

وأصر رئيس وزراء جرينلاند موتي إيجيدي، مرارًا وتكراًرا على أن الجزيرة ليست للبيع. وقال في وقت سابق من هذا الشهر: "نحن لا نريد أن نكون دنماركيين، ولا نريد أن نكون أمريكيين، نريد أن نكون جرينلانديين".

وفي نهاية الأسبوع، قال الرئيس الأمريكي، إن الولايات المتحدة ستحصل على جرينلاند. وقال عن سكان جرينلاند: "أعتقد أن الناس يريدون أن يكونوا معنا".

وكشفت الدنمارك وجرينلاند عن زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري بالقطب الشمالي، هذا الأسبوع، بما في ذلك 3 سفن جديدة وطائرتان دون طيار للجزيرة.

وفي 27 يناير الجاري، أعلنت وزارة الدفاع الدنماركية أنها ستنفق 14.6 مليار كرونة "2.05 مليار دولار أمريكي" لتعزيز القدرات العسكرية في منطقة القطب الشمالي، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وتهدف حزمة الإنفاق هذه إلى "تحسين القدرة على المراقبة والحفاظ على السيادة في المنطقة"، بما في ذلك منطقة جرينلاند التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.

لكن ترامب سخر من الإنفاق قائلًا، إن "زلاجتين للكلاب" التي أعلن وزير الدفاع الدنماركي ترويلس لوند بولسن، أنها جزء من الحزمة، لم تكن كافية لحماية جرينلاند.

وأضاف الرئيس الأمريكي، أن السيطرة على الجزيرة الكبيرة بقاعدة عسكرية أمريكية هناك "ضرورية للغاية"، ورفضت وزيرة خارجية جرينلاند، فيفيان موتزفيلدت، أمس الثلاثاء، آخر تعليقات ترامب ووصفتها بأنها "هراء".

أكبر جزيرة غير قارية

جرينلاند هي رسميًا أكبر جزيرة غير قارية بالعالم، ويبلغ عدد سكانها 56 ألف نسمة، تقع بين المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي، شرق أرخبيل القطب الشمالي الكندي.

وبسبب المناخ القطبي، يعيش سكان جرينلاند غالبًا على السواحل في مستوطنات ومدن، إذ يتواجد معظمهم في 20% من البلاد التي لا تغطيها الثلوج والجليد.

وتاريخيًا، كان الصيد البحري والصيد البري مفتاح البقاء نظرًا لقصر فصل الصيف، ويجعل المناخ والجغرافيا في جرينلاند الزراعة شبه مستحيلة، باستثناء الجنوب المتطرف من البلاد، إذ تشتهر بتربية الأغنام.

الحكم الذاتي

تتمتع جرينلاند بحكومة محلية موسعة، لكنها أيضًا جزء من مملكة الدنمارك، ورغم المسافة بين جرينلاند والدنمارك - نحو 3532 كم بين عاصمتيهما - فإن جرينلاند ترتبط بالدنمارك سياسيًا وثقافيًا منذ ألف عام.

وكانت جرينلاند مستعمرة دنماركية حتى عام 1953، عندما أعيد تصنيفها كمقاطعة دنماركية، إضافة إلى حكومتها المحلية، لدى جرينلاند ممثلان في البرلمان الدنماركي (الفولكتينج).

وحتى عام 1979، كانت جرينلاند تحت حكم الدنمارك، عندما بدأ الحكم الذاتي. وفي عام 2009، وافقت جرينلاند على قانون الحكم الذاتي في استفتاء شعبي. ويمنح هذا القانون جرينلاند القدرة على تولي مسؤوليات إضافية.

ومع ذلك، لا يمكن نقل السياسة الخارجية والدفاعية والأمنية إلى جرينلاند. وتعتبر اللغة الجرينلاندية اللغة الرسمية.

الوجود الأمريكي

تكتسب جرينلاند اهتمام القوى العالمية بما في ذلك الصين وروسيا والولايات المتحدة، بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها المعدنية.

وبدأت الولايات المتحدة إنشاء مواقع عسكرية وقواعد في جميع أنحاء جرينلاند، بعد أن أبرم السفير الدنماركي لدى الولايات المتحدة، هنريك كوفمان، اتفاقًا بمبادرة شخصية ودون موافقة الحكومة الدنماركية، التي كانت تحت الاحتلال النازي، عام 1941.

وسمح الاتفاق للولايات المتحدة بالدفاع عن المستوطنات الدنماركية في جرينلاند ضد القوات الألمانية، حاولت الحكومة الدنماركية طرد الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها تخلت عن تلك المحاولات، عام 1949، عندما انضمت إلى حلف الناتو.

ونظرًا لأن جرينلاند والمناطق القطبية توفر مسافات قصيرة بين أمريكا الشمالية والاتحاد السوفيتي، اتجهت القوات المسلحة الأمريكية خلال الحرب الباردة إلى جرينلاند لإنشاء مواقع إنذار مبكر وقاعدة قادرة على تنفيذ ضربات نووية ضد روسيا.

القاعدة الجوية الأمريكية

وفي عام 1950، بدأت القوات الجوية الأمربكية ببناء قاعدة "ثول" الجوية في سرية تحت اسم مشروع "عملية بلو جاي"، وتم الإعلان عن وجود القاعدة أخيرًا، أواخر عام 1952.

واليوم، تعتبر قاعدة "ثول" الجوية أبعد موقع عسكري أمربكي شمالي، حيث تقع فوق الدائرة القطبية الشمالية وعلى بعد 947 ميلًا فقط من القطب الشمالي، ويوجد في القاعدة حاليًا ما يقرب من 600 فرد من القوات الجوية الأمريكية، ومتعاقدين مدنيين، ودنماركيين، وسكان من جرينلاند. وتم تجهيز القاعدة في البداية بمدرج طوله 10 آلاف قدم، و125 وحدة سكنية، و6 قاعات طعام.

والقاعدة، التي كانت تدار في الأصل من قبل قيادة القوات الجوية الاستراتيجية الأمريكية، كانت مركزًا للعديد من المهام خلال الحرب الباردة، بما في ذلك دعم عمليات القاذفات الاستراتيجية والاستطلاع الموجهة ضد الاتحاد السوفيتي.

واستضافت طائرات اعتراضية وصواريخ "نايك" النووية المضادة للطائرات لحمايتها من أي هجوم محتمل ولإسقاط التشكيلات الكبيرة من القاذفات السوفيتية المتجهة إلى الولايات المتحدة، حال اندلاع الحرب العالمية الثالثة.