وقَّع الاتحاد الأوروبي عقدًا مع شركة "دي سي آي جروب" للضغط السياسي، المعروفة بصلاتها القوية بالإدارة الأمريكية الحالية، في إطار مساعي بروكسل لحماية مصالحها التجارية والاستثمارية في ظل المخاوف من تصاعد التوترات التجارية بين الجانبين، وفق ما نقلته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
خطوة استباقية
وكشفت الوثائق التي اطلعت عليها "بوليتيكو" أن توقيت العقد جاء قبل أيام فقط من فوز ترامب في الانتخابات الرئيسية، في خطوة تبدو استباقية من جانب الاتحاد الأوروبي لمواجهة أي تداعيات محتملة على العلاقات التجارية بين الجانبين.
ووقع الاتحاد الأوروبي العقد مع "دي سي آي جروب" في أكتوبر 2024، وتم تسجيله رسميًا في سجل الوكلاء الأجانب الأمريكي (فارا) في الأول من نوفمبر.
وتكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة في ضوء تصريحات ترامب المتكررة التي وصف فيها السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي بأنها "فظيعة"، ومطالبته دول القارة العجوز بزيادة وارداتها من المنتجات الأمريكية، خاصة في قطاعات الغاز والسيارات والمنتجات الزراعية، بحسب "بوليتيكو".
وعزز من هذه المخاوف فرض الإدارة الأمريكية رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على الواردات الصينية، مع منح كل من كندا والمكسيك إعفاءات مؤقتة من رسوم أعلى، مما يثير المخاوف من إمكانية اتخاذ إجراءات مماثلة ضد الاتحاد الأوروبي.
تاريخ مثير للجدل
وتمتد جذور "دي سي آي جروب" في واشنطن إلى عام 1996، وبنت الشركة على مدار عقود سمعة قوية في مجال الضغط السياسي والعلاقات العامة.
وتكشف الوثائق عن سجل حافل للشركة في العمل مع جهات متنوعة ومثيرة للجدل، بدءًا من الحكومة في ميانمار، مرورًا بتمثيل المصالح الأذربيجانية في الولايات المتحدة، وصولًا إلى العمل مع شركات التبغ والاتصالات وصناديق التحوط وشركات الطاقة العملاقة.
وتزداد أهمية هذه الشركة في السياق الحالي بسبب علاقاتها القوية مع إدارة ترامب، إذ شغل رئيسها السابق جيم ميرفي، منصب المدير السياسي الوطني لحملة ترامب الانتخابية في 2016.
هذه العلاقات القوية تأتي مصحوبة بجدل كبير، إذ تجري وزارة العدل الأمريكية حاليًا تحقيقًا في قضية جنائية تتعلق باختراق حسابات نشطاء في مجال المناخ، يُزعم أنها تمت لصالح شركة إكسون موبيل، أحد أكبر عملاء الشركة آنذاك.
تساؤلات
ولفتت "بوليتيكو" إلى أن الاتحاد الأوروبي يواجه تحديات غير مسبوقة في علاقاته التجارية مع الولايات المتحدة، خاصة مع عدم عقد أي لقاء حتى الآن بين ماروش شيفتشوفيتش، مسؤول التجارة الأوروبي الأعلى، ومسؤولي إدارة ترامب الجديدة.
وتزداد هذه التحديات تعقيدًا مع استمرار عمل "دي سي آي جروب" مع جهات قد تتعارض مصالحها مع المصالح الأوروبية، مثل مجموعة EN+ الروسية، التي كانت مُدْرَجة سابقًا على قائمة العقوبات الأمريكية.
وفي ظل هذه التحديات المتشابكة، يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال هذا التعاقد إلى إيجاد قنوات اتصال فعالة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وأكدت الخدمة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي في تصريح مقتضب لـ"بوليتيكو" أن "بعثة الاتحاد الأوروبي في الولايات المتحدة تستخدم موارد مختلفة لتعزيز التواصل العام"،
وأضافت: "(دي سي آي) تقدم حاليًا المشورة للبعثة بشأن التواصل العام مع التركيز على تعزيز التجارة والاستثمار الأوروبي في الولايات المتحدة".