تأتي زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت بالغ الحساسية، إذ يُنظر إلى هذا الاجتماع على أنه فرصة ذهبية لنتنياهو لتعزيز شرعيته السياسية في الداخل، خاصة بعد الانتقادات التي يواجهها من حلفائه في اليمين المتطرف.
في المقابل، يسعى ترامب، حسب "بي بي سي" البريطانية، إلى تعزيز صورته كوسيط فعّال في الشرق الأوسط، مستثمرًا في اتفاقيتي وقف إطلاق النار في غزة ولبنان مع دولة الاحتلال.
نتنياهو أول من يزور ترامب
في خطوة تعكس مدى قوة العلاقات بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة، أصبح بنيامين نتنياهو أول زعيم أجنبي يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض منذ بدء ولايته الثانية.
هذه الزيارة، التي وصفها السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر بأنها "تاريخية"، وتأتي في مرحلة حاسمة مع استمرار التوترات في غزة والمفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار.
ويدّعي ترامب أنه كان المحرك الرئيسي وراء إبرام اتفاق وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع بين دولة الاحتلال وحماس، الذي أوقف مؤقتًا الحرب المستمرة منذ 15 شهرًا، ورغم أن الاتفاق سمح بإطلاق سراح 13 إسرائيليًا وخمسة تايلانديين مقابل 583 أسيرًا فلسطينيًا، فإن نتنياهو يؤكد أن هذه الهدنة مؤقتة، وأن دولة الاحتلال تحتفظ بحقها في استئناف العمليات العسكرية.
وأدى الاتفاق بالفعل إلى زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة وانسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية، إلا أن المرحلة التالية من المفاوضات تتطلب قرارات أكثر تعقيدًا تتعلق بإطلاق سراح باقي المحتجزين.
انقسام في حكومة الاحتلال
يواجه نتنياهو تحديات داخلية كبيرة، حيث انسحب أحد حلفائه من أقصى اليمين من الائتلاف الحكومي احتجاجًا على ما وصفه بأنه "اتفاق متهور". وهناك تهديدات بانسحاب حليف آخر إذا لم يتم استئناف الهجوم العسكري، ما قد يؤدي إلى فقدان الحكومة لأغلبيتها.
وفي المقابل، عرض زعيم المعارضة يائير لابيد دعمه السياسي لنتنياهو في حال قرر المضي قدمًا في اتفاق إطلاق سراح المزيد من المحتجزين، ما يوفر له "شبكة أمان" سياسية من المعارضة.
ورغم العلاقة المتينة بين نتنياهو وترامب، فإنها لم تكن دائمًا خالية من التوترات، ففي ولايته السابقة، قدّم ترامب دعمًا غير مسبوق لإسرائيل، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان.
وتأتي هذه الزيارة في وقت يواجه فيه نتنياهو مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى التنديد بهذه الخطوة، مؤكدة أنها لا تعترف بسلطة المحكمة.
التحديات والفرص أمام نتنياهو
تشمل إدارة ترامب شخصيات داعمة بقوة لإسرائيل، ما يضمن دعمًا أمريكيًا متواصلًا لتل أبيب في حرب غزة، كما قامت الإدارة الجديدة برفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين المتهمين بالعنف ضد الفلسطينيين، ووافقت على شحنة من القنابل الثقيلة التي كانت محظورة سابقًا.
ورغم ذلك، يبقى هناك تساؤل حول مدى استمرارية هذا الدعم، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة لإيقاف الحرب ومنح الفلسطينيين دولة مستقلة.
مع تصاعد التوترات داخل إسرائيل والضغوط الدولية، يسعى نتنياهو إلى تحقيق توازن دقيق بين مطالب حلفائه اليمينيين المتشددين ورغبة الإدارة الأمريكية في تحقيق الاستقرار.
كما أنه يدرك أن نجاح هذا اللقاء مع ترامب قد يعزّز مكانته السياسية في الداخل الإسرائيلي، لكنه في الوقت ذاته قد يواجه تحديات صعبة إذا فشل في تلبية توقعات حلفائه أو إدارة ترامب.