في ظل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، تجتمع المصالح السياسية الأمريكية مع دولة الاحتلال لمناقشة مستقبل غزة، واتفاقيات وقف إطلاق النار، والتهديد الإيراني، وذلك خلال اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
مباحثات حول وقف إطلاق النار
أفاد مسؤول أمريكي، قبل ساعات من اجتماع ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض، وفق "رويترز" بأن المحادثات ستركّز على "الحفاظ على اتفاقيات وقف إطلاق النار" في غزة ولبنان، والتعاون المشترك للإفراج عن المحتجزين لدى حركة حماس، فيما أكد المصدر أن ترامب "يركّز على إطلاق سراح جميع المحتجزين، وضمان عدم تمكن حماس من استعادة السيطرة على القطاع".
كما سيناقش ترامب مع نتنياهو المرحلة الثانية من الاتفاق، التي بدأت بالفعل الاتصالات الأولية حول شروطها بشكل غير مباشر، وسط تأكيد على "وحدة الرؤية" في الطريقة التي ستتم بها متابعة تنفيذ الاتفاق.
المرحلة الثانية من الصفقة
وتشير صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إلى أن ترامب سيعرض على نتنياهو "حزمة حوافز" لدفع المرحلة الثانية من الصفقة، وهي مرحلة تشمل إطلاق سراح جميع المحتجزين المتبقين على قيد الحياة، وإنهاء الحرب، رغم ما تحمله هذه الخطوة من مخاطر سياسية على نتنياهو.
بينما أكد المسؤول الأمريكي أن "ترامب" لا يزال متمسكًا بخطته "لإعادة توطين" مئات الآلاف من سكان غزة، بهدف تمكين إعادة إعمار القطاع، وهي عملية قد تستغرق، وفقًا للتقديرات، ما بين 10 إلى 15 عامًا، وأضاف المصدر أن "ترامب يرى أن غزة موقع هدم، ومن غير الإنساني إجبار الناس على العيش في منطقة غير صالحة للسكن".
قضايا محورية
من القضايا المحورية الأخرى التي ستُطرح في الاجتماع، التهديد الإيراني، فقبل ساعات من اللقاء، صرّح مسؤول أمريكي لوكالة رويترز بأن ترامب يعتزم تجديد سياسة "الضغط الأقصى" التي انتهجها خلال ولايته الأولى، عبر فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران.
وأشار المصدر إلى أن المذكرة التي سيوقّعها ترامب ستوجه وزارة الخزانة الأمريكية بفرض "أقصى قدر من الضغط الاقتصادي" على إيران، بما يشمل آليات تنفيذ صارمة ضد منتهكي العقوبات. وتشمل هذه الإجراءات إلغاء الإعفاءات الممنوحة سابقًا، وخطة لخفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.
يأتي هذا التصعيد في ظل الشكوك حول نهج ترامب تجاه إيران، فبينما لم يستبعد الرئيس إمكانية توجيه ضربة عسكرية، أشار إلى أنه يسعى أيضًا إلى "صفقة جديدة" مع إيران، بدلًا من الاتفاق النووي الذي انسحب منه في 2018. ويرى أن العقوبات وسيلة لدفع إيران إلى التفاوض، لكن في السنوات الماضية، لم تحقق هذه الاستراتيجية نجاحًا ملموسًا.
مخاوف من البرنامج النووي الإيراني
تتزايد المخاوف الإسرائيلية بشأن اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، فقد جمعت طهران بالفعل ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لصنع أربع قنابل نووية، وإذا تم تخصيبه إلى 90%، وهو المستوى العسكري المطلوب، فإن العملية لن تستغرق سوى أيام أو أسابيع.
وبحسب تقديرات مختلفة، فإن تطوير قنبلة نووية يمكن تركيبها على رأس صاروخي باليستي قد يستغرق من عام إلى عامين، لكن التقارير الأخيرة تشير إلى احتمال أن تلجأ إيران إلى "الخيار المختصر"، أي إنتاج سلاح نووي بدائي يمكن استخدامه كوسيلة ردع.
نتنياهو يسعى لترتيب الأولويات
وحسب "يديعوت أحرونوت" يعتزم نتنياهو إقناع ترامب بأن الأولوية في الشرق الأوسط يجب أن تُمنح لمواجهة التهديد الإيراني، معتبرًا أن ذلك سيعطي إسرائيل وقتًا لاتخاذ قرارات بشأن غزة، لكن منتقديه يرون أن نتنياهو قد يكون يسعى لإفشال المرحلة الثانية من الاتفاق، خوفًا من تفكك حكومته، خاصة مع تهديدات سموتريتش بالانسحاب من الائتلاف إذا تم استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة.
يعكس الاجتماع المرتقب بين ترامب ونتنياهو تداخل المصالح السياسية بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، حيث تُطرح قضايا حاسمة تشمل غزة، والملف الإيراني. وبينما يسعى ترامب لتعزيز سياسته في الشرق الأوسط، يبدو أن نتنياهو يحاول الموازنة بين الضغوط الداخلية والإقليمية.