الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

جرب واستنباح كالكلاب.. أسير يستذكر "الأيام الثقال" في سجون الاحتلال

  • مشاركة :
post-title
أسرى فلسطينيون مكبلون في سجون الاحتلال - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

وسط ظلال من القهر والقيد، يتردد صدى معاناة الأسرى الفلسطينيين خلف جدران السجون الإسرائيلية، لتصبح حكاياتهم المنسية شهادة حية على الانتهاكات المستمرة، إذ يروي رضا عبيد، شاب في الثامنة عشرة من عمره، عاد إلى منزله في القدس بعد تجربة اعتقال مريرة في سجن مجدو، لتكون قصته انعكاسًا لمآسي الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

رحلة الألم

في منزل عائلته المتواضع، جلس رضا عبيد يرتدي ملابس جديدة لأول مرة منذ أشهر، لكن القفازات الزرقاء التي غطت يديه كانت تذكارًا مؤلمًا لما مرّ به، فقد أصيب بالجرب أثناء احتجازه في سجن مجدو شمال دولة الاحتلال الإسرائيلي، بسبب الأوضاع المعيشية غير الإنسانية.

يقول "رضا" في مقابلة مع "هيئة الإذاعة الأسترالية": "كنا نرتدي الملابس نفسها منذ 7 أكتوبر حتى 20 نوفمبر، دون إمكانية الاستحمام أو تغيير الملابس، ما تسبب في إصابتي بالجرب"، هذه الظروف غير الصحية تفاقمت لدى "رضا" بسبب رفض سلطات الاحتلال تقديم العلاج المناسب له ولغيره من الأسرى المرضى.

لم يتمكن رضا من الحصول على رعاية طبية إلا بعد إطلاق سراحه، ضمن صفقة تبادل الأسرى بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية، حيث أفرج اليوم عن دفعة رابعة من الأسرى الفلسطينيين مقابل محتجزين إسرائيليين، وفور إطلاق سراحه، نقلته عائلته إلى مستشفى المقاصد في القدس لتلقي العلاج، وسط فرحة بالحرية مشوبة بالألم والحرمان.

قيود الفرح في القدس

رغم الاحتفالات التي شهدتها الضفة الغربية المحتلة بعد الإفراج عن الأسرى، كانت الأجواء في القدس مختلفة تمامًا، فالمنطقة، الواقعة تحت سيطرة دولة الاحتلال الإسرائيلي، منذ عقود، تخضع لرقابة صارمة تمنع أي مظاهر فرح بالإفراج عن الأسرى.

وعندما عاد "رضا" إلى منزله، داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلية، المكان، لتتأكد من أن الاستقبال اقتصر على أفراد عائلته المباشرين، محذرة من أي احتفال، كما حلقت طائرة بدون طيار في سماء الحي، بينما انتشر عناصر الأمن في الشوارع لمراقبة الموقف عن كثب.

الأسير المحرر رضا عبيد على
تعذيب وترهيب

واعتُقل رضا في أغسطس الماضي بتهمة إلقاء الحجارة على شرطة الاحتلال الإسرائيلية، واقتيد إلى زنزانة الشرطة حيث تعرض للإهانة والإذلال.

يقول رضا: "كانوا يكبلوننا ويجبروننا على النباح مثل الكلاب، وحين نُقلنا إلى سجن مجدو، تم تجريدنا من ملابسنا وضُربنا بقسوة كجزء من طقوس الترحيب هناك".

ويضيف: "لم أكن أستطيع الحديث، لأنهم كانوا ينهالون علينا بالضرب عند أي كلمة ننطق بها"، حتى في الأيام الأخيرة قبل إطلاق سراحه، مُنع من الاستحمام، ليبقى جسده المثقل بالجروح شاهدًا على قسوة المعاملة.

ويذكر أنه في مهد الحرب الإسرائيلية على غزة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت إن جنوده يحاربون "حيوانات بشرية" حين أعلن فرض حصار كامل على قطاع غزة، وأضاف: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام. نحن نقاتل الحيوانات البشرية ونتصرف وفقًا لذلك".

نفي إسرائيلي

في ردها على هيئة الإذاعة الأسترالية، زعمت مصلحة السجون الإسرائيلية أن جميع المعتقلين يعاملون وفق القانون، وأن حقوقهم الأساسية مكفولة، غير أن شهادات الأسرى المفرج عنهم، ومن بينهم رضا، تكشف عن انتهاكات ممنهجة تمارسها سلطات الاحتلال بحق المعتقلين الفلسطينيين.

وصرّح المتحدث باسم مصلحة السجون بدولة الاحتلال الإسرائيلي: "لم نتلق أي شكاوى حول سوء المعاملة، وإن وُجدت، فهي تُدرس وفق القوانين المعمول بها"، لكن روايات الأسرى تناقض هذه الادعاءات.

معاناة لا تنتهي

رغم أنه أصبح حرًا، إلا أن رضا ووالده محمد يعلمان أن مجرد الحديث عما جرى داخل السجن يشكل خطرًا عليهما، فالعائلة تعيش تحت رقابة أمنية مشددة، لا سيما وأن ضياء شقيق رضا، ما زال معتقلًا دون أي أخبار عنه منذ أسابيع.

يقول محمد بقلق: "بعد رؤية حالة رضا، لا أستطيع حتى تخيل ما يعانيه ابني الآخر في السجن". هذه المخاوف المتواصلة تعكس الواقع المرير لعائلات الأسرى الفلسطينيين، الذين لا تنتهي معاناتهم حتى بعد الإفراج عن أحبائهم.