في لحظة مفصلية من تاريخ سياسة دولة الاحتلال الإسرائيلي، برزت أزمة صفقة غزة، إذ وصف وزير شؤون الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، الصفقة بأنها "حكم بالإعدام على مئات الإسرائيليين"، وفق حوار نشرته صحيفة "ماكور ريشون" العبرية.
صفقة خطيرة
خلال جلسة مجلس الوزراء بدولة الاحتلال التي وُصفت بأنها دراماتيكية، كان "شيكلي" من بين القلائل الذين صوتوا ضد الصفقة، ورغم كونه عضوًا في حزب الليكود الحاكم، أعرب عن قلقه البالغ من قائمة الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، التي تضمنت من زعم بأنهم "إرهابيين بارزين مسؤولين عن هجمات دموية".
وقال "شيكلي": "عندما استعرضت قائمة الأسرى، شعرت بالذهول مما رأيت، هذه الصفقة تسفر عن إطلاق سراح سجناء مسؤولين عن أسوأ الهجمات في تاريخ إسرائيل"، مشيرًا إلى أن "المعلومات حول السجناء كانت غامضة وغير مكتملة قبل اتخاذ القرار".
وأضاف: "قبل أسبوع من الصفقة، سألت عدة مرات عن تفاصيل السجناء الفلسطينيين، لكنني لم أحصل على إجابات واضحة.. وعندما رأيت القائمة النهائية، أدركت أننا أمام صفقة خطيرة".
إهمال في نقل المعلومات
اتهم "شيكلي" حكومة الاحتلال بعدم الشفافية في نقل المعلومات إلى الوزراء والجمهور، قائلًا: "تم تقديم معلومات جزئية ومضللة حول نوعية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، إذا كان الجمهور يعرف الحقيقة قبل أسبوع، لكان موقفه مختلفًا تمامًا"، حسب ادعائه.
كما أشار إلى أن قائمة السجناء تضمنت 150 أسيرًا محكومًا عليهم بالسجن مدى الحياة، و273 محكومًا عليهم بالمؤبد، أي ضعف العدد الذي تم الإعلان عنه سابقًا، بالإضافة إلى 737 آخرين شاركوا في عمليات قاتلة، محذرًا من أن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل في المرحلة المقبلة سيكون أكبر.
وتابع زاعمًا: "أنا أفهم أن ما يتم إرساله من السجون هو جيش إرهابي، من كبار الإرهابيين، الذين يمكن أن يكونوا عدة سنوار"، في إشارة إلى يحيى السنوار زعيم حركة حماس الراحل.
انتقادات مباشرة لنتنياهو
ألقى شيكلي باللوم على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو والفريق المفاوض، معتبرًا أن المفاوضات لم تتم بشكل جيد، قائلًا: "رغم حسن نوايا الفريق المفاوض، إلا أن النتيجة كانت فاشلة، والمفتاح الذي تم تحديده لإطلاق سراح المحتجزين خطير للغاية، ويفتح الباب لمزيد من الضغوط في المستقبل".
وأضاف: "كان شعوري خلال اجتماع الحكومة أننا ندخل في صفقة ستؤدي إلى مخاطر أكبر، ليس فقط على المحتجزين الذين لم يتم إطلاق سراحهم، بل على أمن الإسرائيليين عمومًا".
مخاوف أمنية
عند سؤاله عن موقفه تجاه أهالي المحتجزين، أجاب شيكلي: "أتفهم معاناتهم، لكن هذه الصفقة تعرض الجميع للخطر، عدد القتلة الذين تم إطلاق سراحهم كبير جدًا، والمرحلة المقبلة ستشهد إطلاق سراح المزيد منهم، هذا يزيد من احتمالية تعرضنا لعمليات اختطاف جديدة"، حسب زعمه.
وانتقد شيكلي أيضًا غياب الوزراء الدينيين عن النقاش الحكومي، إذ تركوا مذكرات مكتوبة بدلًا من حضور الاجتماع، وأشار إلى أن التعامل مع قضايا تتعلق بحياة البشر يتطلب حضورًا ومشاركة فاعلة.
وقال: "قد تكون لديهم قناعة بأن تحرير المحتجزين هو أولوية دينية، لكنهم فشلوا في سماع وجهات نظر رئيس الموساد ورئيس الشاباك".
معضلة الصفقة
يرى "شيكلي" أن "الصفقة الحالية ليست نهاية المطاف، بل هي بداية لمزيد من الضغوط على إسرائيل"، وأوضح أن "المفتاح المتفق عليه لإطلاق سراح السجناء الفلسطينيين في هذه المرحلة سيؤدي إلى تصعيد المطالب في المستقبل، ما يهدد أمن المحتجزين الآخرين الذين لم يتم إطلاق سراحهم بعد".
وأضاف: "هذه الصفقة بمثابة حكم بالإعدام على المئات من الإسرائيليين، نحن بحاجة إلى استنتاجات واضحة ومُلزمة حول كيفية التعامل مع قضايا المحتجزين مستقبلًا".